مشروع الأمن المتكامل
انخفاض في نسبة الجرائم تتجاوز 10 في المائة مقارنة بالعام الماضي، كما أن نسبة القبض على المجرمين تجاوزت نسبة 70 في المائة من الوقائع الجنائية، ولأن الأمن من نعم الله الكبرى التي يمتن بها على الأمم، وعلى مر الزمن يذكر التاريخ فقط تلك الأمم التي استطاعت أن تفي بمتطلبات الأمن ليصنفها كصانعة حقيقية للحضارة الإنسانية وامتداد طبيعي لها. من هنا لا بد أن يسجل التاريخ لحكومة خادم الحرمين الشريفين اهتمامها بالأمن واستتبابه بكل أشكاله وصوره. فمن أمن الوطن وحفظ حدوده إلى الأمن الصحي ومكافحة الأمراض ثم مكافحة المخدرات ووصولا إلى الأمن الفكري والثقافي. إنها منظومة الأمن المتكاملة التي سجلتها وتستمر في تسجيلها وزارة الداخلية بنجاحات كبيرة، سواء في مجال مكافحة التطرف وإرهابه أو المخدرات ومصائبها، بل لقد تجاوز الأمر حد العمل الميداني الصرف إلى الأعمال الإنسانية الجليلة.
إنه مشروع الأمن المتكامل وليس مجرد شعارات خالية من المسؤولية ورغم هذه الإنجازات الهائلة المتواصلة بتتالٍ للأمن السعودي والضربات القاصمة لظهر التطرف وتجار المخدرات، إلا أن البعض يحلو له ــــ عند الحديث عن الأمن ــــ اختزال معاني الأمن وإنجازاته في حوادث بسيطة تحدث كطبيعة لازمة للمجتمعات الإنسانية والتجمعات المدنية الحديثة، التي يجب على المجتمع المتحضر أن يقوم بدوره الواجب لمنعها والحد من انتشار صورها المسيئة للإنجازات الأمنية العظيمة. هناك ظواهر اجتماعية لا يمكن إنكارها، مثل سرقة السيارات وبعض الاعتداءات الفردية التي لا تمثل جريمة منظمة، وإنما ظاهرة اجتماعية ملازمة للتجمعات المدنية ــــ ولذلك لم ينكر الإسلام وجودها، بل شرع لمكافحتها أحكاما، لذا فإن على المجتمع المتحضر أن يقوم بدوره الواجب في حماية منجزاته وخيراته ويشارك بنفسه في ذلك من خلال قيام كل أسرة بدورها الحقيقي في التربية الصالحة للشباب ومراقبة تصرفاتهم وإشغال أوقات الفراغ بما يناسبهم من أعمال خيرية واجتماعية، كما يجب على المواطن المساهمة في حماية أمنه الشخصي باتباع المنهج النبوي الشريف ''اعقلها وتوكل''. رغم الثقة الكبيرة بالأمن السعودي وقدراته على اكتشاف الإجرام والمجرمين وإعادة الحق إلى نصابه وأهله إلا أنه يجب على المجتمع أن يعقل أموره ويحزمها وألا يترك الحبل على الغارب ثم يصرخ: أين الأمن؟
إن الحديث عن الأمن يقتضي الفهم الشامل للفكر والعمل الأمني ومنظومته الحديثة التي يمكن فهمها من خلال الحديث الشريف ''اعقلها وتوكل''. الفكر الأمني الحديث يرتكز على قاعدتين أساسيتين هما المجتمع الحريص (اعقلها) والأمن كوظيفة سيادية (وتوكل)، فالمجتمع المدني الحديث وبشكل متزايد أصبح هو المسؤول مباشرة عن أمنه الشخصي وممتلكاته. ولا بد أن يطبق الجميع مفهوم عبارة المواطن رجل الأمن الأول تطبيقا صحيحا ومتكاملا حتى يشعر أنه يؤدي واجبه الإنساني والمجتمعي تجاه وطنه وحماية مقدرات البلد ومكتسباته الوطنية والتاريخية.