ينهض الوحش .. أم تسدد الفواتير؟
في نقاشاتي دائما مع الأصدقاء الإماراتيين، كنت أقول: لم يكن الفريق الإماراتي الذي لعب في مونديال إيطاليا 1990، هو الجيل الذهبي الحقيقي للكرة الإماراتية كما يعتقد بعض المتابعين. وكنت أدافع عن رأيي دائما بأن ما تلاه من فريق هي القائمة المثالية التي امتزج فيها جيلان، أحدهما شاب طموح وآخر مخضرم هو الجيل الذهبي للأبيض، ورغم هذا لم يحقق ذلك الفريق أي بطولة في تاريخه، لكنه كان منافسا على كل البطولات التي لعبها.
.. قلت لصديق عزيز لعب في تلك الحقبة ومع ذاك الجيل، المقدمة أعلاه وسألته: كنتم الأفضل ولم تظفروا ببطولة، ماذا كان ينقصكم؟ أجاب: "كنا نحتاج إلى كأس واحدة لتقبل كل الكؤوس ونكسر العقدة، ونوجد الهيبة، ولم نفلح، كان هنا وحش مرعب بالمرصاد لنا في كل مرة"، وتابع وتقاسيم وجهه تتشكل ابتسامة ساخرة: حظنا السيئ أن أفضل مجموعة في تاريخنا كانت في عهد سطوة ذلك الوحش الآسيوي.
.. وحتى يفهم القارئ ما يقصد النجم الإماراتي المعتزل، عليه أن يقلب في صفحات التاريخ. عاد الإماراتيون من المونديال وتم إضافة نجوم شبان للقائمة فكان فريقا مثاليا امتزج فيه جيلان، وكان مدعوا للعب نهائيات آسيا 1992، في اليابان وأحد مرشحيها، وعلى بعد خطوة من النهائي تكسرت الطموحات أمام الأخضر السعودي في نصف النهائي فغادر الإماراتيون بثنائية الهريفي والعويران.
.. بعد عامين، كان الأبيض الإماراتي المرشح الأقوى للفوز بخليجي 12، للمرة الأولى، فريق متكامل، لا تجد فيه ثغرة واحدة، الطلياني، زهير، ناصر، كوجاك، محسن، وآخرون، البطولة في الديار وسط الأنصار، الظفر باللقب الخليجي الأول كان مسألة وقت فقط للطلياني ورفاقه، يفتتحون البطولة بقوة، مرة غير أخيرة، المرعب الأخضر ينتفض وفي بطولته المعقدة العصية على مدى أربعة وعشرين عاما، ويحصل على كأسه الأولى رغم أنه لم ينجح في الفوز على الإماراتي واكتفى الفريقان بالتعادل. النحس يلاحق الجيل الأبيض الرائع.
بعد عامين أيضا وفي 1996، الإمارات تستضيف نهائيات آسيا، منتخبها يعسكر أكثر من شهرين، دعم حكومي وشعبي هائل، الكأس القارية ممكنة بعد أن أفلتت الخليجية، العروض في الأدوار التمهيدية والدعم الشعبي الضخم، أثبتا فعلا أن اللقب القاري الأول ممكن جدا، خاصة بعد أن تولى الجاران الكويت والسعودية مهمة إقصاء أقوى فريقين في البطولة كوريا الجنوبية، وإيران. وللمرة الأولى، الإمارات في نهائي أمم آسيا والخصم أيضا هو المرعب السعودي، مباراة امتدت ساعات، وطوح قائد الجيل الذهبي الطلياني بكرة والمرمى بلا حراسة، الضيوف يخسرون لاعبا بالبطاقة الحمراء، ومع هذا ظل الأخضر السعودي ثابتا، ورفع الكأس من نقطة الجزاء بالترجيحيات بفضل حارسه الأسطوري محمد الدعيع. مرة ثالثة، الجيل الإماراتي الأبرز تتكسر آماله على يد مرعبي القارة آنذاك. هذا السرد التاريخي، يشرح بوضوح لماذا قال النجم الإماراتي ما قال.
بعد تلك الحقبة، دخلت الكرة الإماراتية في دوامة الغياب، محاولات لبناء فريق جديد، بعد اعتزال المجموعة المتفردة، لم تنجح حتى ظهر فريق عموري وأصدقائه في الألفية الأخيرة، في المقابل، يعيش الأخضر مرحلة انعدام ثقة وفقدان توازن منذ ستة أعوام. وقبل مواجهة الخميس، تتبدل المقاعد، الأخضر السعودي بفوزه على الإماراتي، سيستعيد جزءا كبيرا من الثقة ويمر من أمام أقوى عرب آسيا حاليا إلى الدور الأخير، أما الأبيض إن انتصر، فسيرمي بأخضرنا في غياهب سبات جديد. إنها كرة القدم اللعبة المجنونة، إذا أراد كبير ما، العودة لماضيه عليه أن يمر على رقبة كبير آخر، الفرصة متاحة للأخضر للعودة، ومتاحة أكثر للأبيض لتسديد فواتير السنوات الماضية.