Author

حكايتي مع «الاستدامة»

|
منذ دخلت الألفية الجديدة، وأنا مثل كثير من الناس، أبحث عن ضوء في آخر النفق، يدل على طريق "الغد" ويشرع أذرعه كلها لمصافحة شمس "المستقبل". ولعل باب "المسؤولية الاجتماعية للشركات" أو ما بات يعرف بـ "الاستدامة" هو الباب الذي دلفت منه لمئات الاجتماعات، وقابلت آلاف الأشخاص في مختلف دول العالم، وجلست محاورة وضيفة ومستمعة لكثير من الحوارات التي أثمر بعضها، وانتهى كثير منها في رمال "التنظير" أو "اللجان الرسمية" أو الوعود المهنية التي تأتي متأخرة أو ربما لا تأتي أبدا لإنجاز أعمالها. اليوم ربما تلخص الوصايا الثماني التالية واقع الحال لتلك التجربة الألفية، وهي وصايا ربما تنير قليلا لأحد لعله يرى ضوءا في آخر النفق أو يشارك في قبس من نور وعي ينير للأجيال المقبلة طريق الرفاه والتنمية: 1. إذا كانت "الإدارة من فضة" فـ "الاستدامة من ذهب". 2. مشكلة "الاستدامة" في عالمنا العربي أنها تحولت إلى: "حوار بيروقراطي"! 3. كثير من برامج "الاستدامة" في بلادنا تشبه "نخلة عذاري".. "خيرها لغيرها"! 4. لا تصدق ثلاثة: أدعياء الغيب، وإعلانات التسويق، وبرامج مدعي "البيئة الصديقة" في العالم العربي! 5. اسأل نفسك قبل أن تصفق لأي مبادرة مسؤولية اجتماعية.. ترى لأي درجة هذه المنشأة صادقة مع الناس؟ 6. أشياء تجلب النعاس: مضادات الهستامين، ونشرات أخبار بعض القنوات، وتصريحات مسؤولي خدمة المجتمع في الشركات الكبرى! 7. مبادرات "الاستدامة" وجبة دسمة تم تسخينها في "مايكرويف" التسويق والتكرار حتى فقدت قيمتها التنموية. 8. آخر نكتة قرأتها هذا الأسبوع هي استخدام شركة كبيرة أسلوب "الكاميرا الخفية" كأحد برامج "المسؤولية الاجتماعية" للشركة! ليتها فكرت في كاميرا "الشفافية" و"الحوكمة"! الشاهد من هذه الوصايا أعلاه، أن قيمة "الاستدامة" هي نتاج الرؤية الاستراتيجية والضمير المهني والفكر الخلاق في محاكاة النظريات الدولية في هذا المجال وليس بهذه السطحية والادعاء والتقليد لبرامج لا تسير بنا للأمام في ركب التنمية بل ترسِّخ صورة ذهنية سلبية أن القطاع الخاص يراعي مصالحه بالدرجة الأولى كموظف، أكثر منه كمستثمر ومشارك في التخطيط، ودون أن يكون المجتمع في قراراته ورؤاه وخططه.
إنشرها