اليوم الوطني وأهمية التغيير للتطوير

اليوم الوطني هو يوم نقف فيه لاسترجاع ذاكرة وطن وجهد آباء وأجداد وواجبات أبناء وأحفاد نحو تحقيق الاستقرار والأمن والرخاء لجهد آباء وأجداد بذلوا الغالي والنفيس من أجل تحقيق وحدة سعودية عربية مسلمة، تضم أطياف مجتمع تجمعه "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، هذه الوحدة والتجمع المبارك يجعل من استرجاع الجهود التي بذلت والجهود المطلوب بذلها واجبا وطنيا، مهما اختلفنا في مفهوم الوطن والوطنية، وبما أننا لا نعيش بمعزل عن النظام العالمي وتركيبته الحدودية وارتباطاته المنظمة بين العلاقات الدولية والانتماء والارتباط المكاني، فإن الوطن أصبح مفهوما ذا وثائق وحدود محددة لا يمكن تجاهلها أو محاولة الخروج عليها، ومن هنا يأتي يومنا الوطني ليؤكد لنا عظم المسؤولية نحو رسالتنا كأمة سعودية عربية مسلمة، ينظر لنا العالم كأحد أهم حاضنات الدين الإسلامي المعتدل، والدولة التي تحمل رسالتها الإسلامية للعالم أجمع.
عندما نحتفل ونحتفي بيومنا الوطني فلا يعني هذا الخروج عن دورنا وواجبنا الديني أو عاداتنا العربية والإسلامية، أو أننا نبيح أو نسمح في يومنا الوطني لما هو محرم أو مكروه أو ضار في غير يومنا الوطني، وإنما يعني ذلك أننا نقول لأنفسنا وللأجيال الحالية والقادمة إننا دولة لها تاريخ عريق عميق، وخلف هذا التاريخ العريق جهود رجال ونساء قدموا الغالي والنفيس من أجل تحقيق هذه الوحدة المباركة، ومن هنا يأتي دورنا كجيل مستلم لهذه الأمانة وجيل آخر مكمل لهذه المسؤولية وأجيال قادمة بعد ذلك أن نكمل المسيرة المباركة لأولئك الرجال المخلصين، وحتى نحقق لهم أجر وخير هذا الجهد والعمل الإسلامي العظيم المبارك، تصديقا لقول المصطفى - عليه الصلاة والسلام - "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ....." الحديث، ولتحقيق هذا التوجيه النبوي المبارك فإن المرحلة الحالية والمستقبلية تتطب تضافر الجهود من أجل العمل المشترك لجميع أطياف المجتمع، لتحقيق رحلة من التغيير الإيجابي البناء لإيجاد منهج وسياسة واستراتيجية عمل وطنية تتماشى مع المرحلة القادمة للتطور الذي يعيشه العالم، ويكون ذلك المنهج، وتلك السياسة منطلقة من ثوابتنا الإسلامية وقيمنا العربية السعودية، ولعل قول الله - سبحانه وتعالى - وحثه على أن التغيير أمر يحدث إذا رغب الإنسان نفسه في ذلك "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" والتغيير هنا إيجابي أو سلبي، سلبي من حيث انتهاج منهج الهدم والخراب والقتل والدمار، أو منهج وتغيير إيجابي يتواكب مع صلاح هذا الدين الإسلامي لكل زمان ومكان.
إن أهمية استيعاب تبني مفهوم التغيير من أجل التطوير والبناء لم يعد مطلبا ترفيا أو ثقافة كتاب متفلسفين وإنما أصبح واجبا دينيا ووطنيا واجتماعيا، لأن العالم من حولنا يتغير ويتطور، وإذا لم نواكب ذلك التغيير والتطوير من خلال أدواتنا فإننا سنجد أنفسنا نتغير رغماً عنا، وبما يتفق ورغبات الآخرين، وعندما ندرك الأثر السلبي للتغيير غير الصحي يكون القطار قد فاتنا ولا ينفعنا الندم، ومن هنا فإن محاولة البعض لتعزيز مفهوم "الله لا يغير علينا" بمعناها السلبي فإننا بذلك نقود أنفسنا نحو الثبات ثم التخلف.
"الله لا يغير علينا" دعوة صالحة ومهمة متى ما وضعت في سياقها الصحيح، ولم يستغلها الجهال لإيقاف عجلة التنمية والتطوير أو الاعتقاد أن أي تغيير لا يحمل في طياته إلا كل شر، وهو اعتقاد خاطئ متى ما كان هذا التغيير لا يحمل رؤية وهدفا ورسالة واضحة تنطلق من مبادئنا الإسلامية وقيمنا العربية ومتطلبات مجتمعنا السعودي، والتغيير المنضبط هو المطلب لأي تقدم ومنافس مع مختلف شعوب العالم، لأن العالم وفق النظرية الحياتية عالم متغير يسعى نحو الأفضل، وهذا الأفضل يهيمن عليه أصحاب المبادرات الأسرع، وكما يقال إما تقود التغيير أو يقودك التغيير رغم أنفك، ولهذا دعونا نستوعب أهمية استحضار يومنا الوطني وإنجازات من سبقنا من رجال ونساء هذا الوطن الغالي، ونعمل وفق رؤية مؤسس هذا الوطن الغالي عندما عدل بيت القصيدة المشهور بحيث أصبح كما يلي:
"نبني كما كانت أوائلنا تبني ... ونفعل فوق ما فعلوا" وفوق هنا بدل من "مثل ما فعلوا"، ولهذا نحن مطالبون من أجل وضع وطننا الغالي في مصاف الدول المتقدمة أن نفعل فوق وأكثر مما فعلوا، وفق الله كل من يعمل من أجل وطن سعودي الانتماء وعربي اللسان وإسلامي المعتقد وعالمي الطموح.

وقفة تأمل:
"احسب عمار الدار يا زيد جدران
واثر عمار الدار يا زيد أهلها
ترى السوالف ياذهان الرجالي
تسمج ايلا عرضت على غير أهلها"

المزيد من الرأي