الخطوط السعودية .. وإعادة بناء السمعة

تختلف عملية إعادة بناء السمعة بين الأفراد والمؤسسات، حيث إن سمعة الفرد يصعب إعادة بنائها لأنها كما يقال "كالزجاج إذا انكسر"، أما المؤسسات فيمكن إعادة بناء سمعتها إذا تقبل القائمون عليها النقد وعزموا على تدارك الأخطاء ومواجهة التحديات بشجاعة كبيرة.. ولعل الخطوط السعودية من أكثر المؤسسات حاجة إلى إعادة بناء سمعتها بعد سنوات من الحماية التي تجاوزت الحدود حتى أصبحت ضارة للناقل الوطني الحامل لاسم بلادنا.. ولو عدنا بالذاكرة إلى ما قبل أكثر من ثلاثة عقود لرأينا كيف أن حماس مسؤولي الخطوط السعودية وموظفيها قد صنع المعجزات، ولعلي أتحدث عن من أعرفهم في محطة الرياض، حيث محمد الحسون وإبراهيم الدغيثر وعيد الكلابي - رحمه الله - وعبد الله العذل في الإدارة العليا ومساعديهم في مختلف المواقع يواصلون العمل ليلاً ونهاراً في المطار وفي مكاتب مفتوحة، حيث يصل إليهم كل صاحب شكوى وهم يصلون إلى الموظفين في كل المواقع عبر الاتصال وبالزيارة في أي لحظة فكان العمل ينساب بهدوء وحماس تحت مراقبة المديرين الذين لم يجلسوا في مكاتب مغلقة لا يمكن الوصول إليهم.. وإنما في وسط صالات السفر وفي مكاتب معروفة للجميع.. وفي نهاية مشوار العمل اليومي الطويل يجتمع هؤلاء القادة لمناقشة الأخطاء والتقصير الذي حدث في ذلك اليوم وبالذات عند تطبيق نظام الرحلات المتتابعة الذي فتح المجال لتوفير المقاعد للمسافرين بين مختلف مناطق المملكة وعالج إلى حد كبير تلك المشكلة التي نعانيها حتى الآن.
ومع هذا الجهد والسهر كان هناك نقد لخدمات الخطوط وكنت أحد المنتقدين لكن تلك القيادات الكبيرة بأخلاقها تتقبل النقد وتستفيد منه.. ومما أثار الشجون ودعاني لكتابة هذا المقال ما كتبه الزميل الدكتور عبد العزيز المقوشي في جريدة "الرياض" يوم الأربعاء الماضي، حيث وصف حالة التعالي والتعامل المرفوض من بعض موظفي الخطوط مع الركاب.. والمؤمل أن يجد صدى إيجابياً لما كتبه يختلف عما تعودناه أخيرا من مسؤولي العلاقات العامة في الخطوط السعودية، حيث يبدون اهتماماً بما يكتب ويعدون بالتحقيق في الوقائع.. ثم لا نسمع منهم أي نتيجة وكأن أسلوبهم المعتمد دواء مسكن لا يعالج المرض بصورة نهائية.. وهكذا تراكمت الأمراض في الخطوط السعودية وساء التعامل من بعض موظفيها مع ركابها وبالذات على الرحلات الداخلية فإن وجدت مقعداً لم تجد المعاملة الحسنة وبالذات عند تأخر إقلاع الرحلات أي حينما تكون في أشد الحاجة إلى كلمة طيبة وبسمة تطفئ غضبك وتنسيك بعض متاعبك.
وأخيراً: قد يقول أحدهم وهل هناك عصا سحرية يمكن أن تحول خدمات الخطوط السعودية وتعامل موظفيها إلى ما هي عليه الخطوط الأخرى التي أجزم أنها لم تجد من الدعم والحماية ما وجدته "السعودية"؟
وأقول: نعم العصا السحرية هي الكلمة الطيبة والابتسامة.. أي إعادة بناء السمعة التي تقوم على قاعدة يعرفها المهندس صالح الجاسر المدير العام الجديد للخطوط والقادم من خلفية تسويقية ناجحة "الزبون دائماً على حق"، ولعله يضعها ضمن أولوياته وهذا لا يعني أبداً أنني أتجاهل ما تعانيه هذه المؤسسة العتيدة من مشاكل أهمها ترهل جهازها الوظيفي وفشلها في التخلص من غير الجيدين منهم وتعثر تحويلها إلى عدة شركات متخصصة تدار بطريقة مهنية حديثة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي