عيدكم مبارك.. ودعوة للحوار الإيجابي
توقفت عن الكتابة خلال شهر رمضان المبارك فشعرت بحلاوة الروحانية وأدركت أن الكتابة هم لا يحس به إلا من يكابده.. ولم ينغص روحانية الشهر الكريم إلا مناظر الدماء والأشلاء في الوطن العربي والإسلامي فقط وحصرياً، مما يطرح سؤالا: هل تفرقنا وخلافاتنا المستمرة نتج عنها ضعف وهوان وتسلط من الأعداء علينا؟!
وكي نحمي بلادنا ووحدتنا الوطنية وجهت رسائل التهنئة بعيد الفطر المبارك لهذا العام إلى رموز أعتقد أنها لو اعتمدت أسلوب الحوار الإيجابي الذي يجمع ولا يفرق، والاختلاف الذي "لا يفسد للود قضية"، لاستمر الوطن الغالي على الجميع قوياً مهاباً وعصياً على تدخلات الأعداء من كل جانب.. وأبدأ رسائل التهنئة برسالة إلى ذلك العالم الجليل الحافظ للقرآن الكريم، الذي تخشع القلوب وتذرف العيون عند سماعه يرتل بصوته العذب وهو يؤم الناس في الصلوات، وأقول له لتكن مرجعاً لا طرفاً في الخلافات والمناقشات التي تتسم بالحدة أحياناً، ودع التغريدات لمن لم يجدوا منبراً غير "تويتر" يوترون أنفسهم والآخرين بما يرسلونه من اتهامات وشتائم وسباب، بينما أنت لديك منبر أسمى وأعلى وأكثر مصداقية من كل المنابر.
والرسالة الثانية لذلك الداعية الأنيق في مظهره والمبتسم دائماً مما يبعث على الراحة والاطمئنان لدى متابعيه ــ وهم كثر ــ فليوجه ذلك إلى الدعوة إلى الله بالحكمة وبالموعظة الحسنة والكلمة الطيبة.. مسامحاً كل من أساء إليه، وأن لا يضع نفسه في مواقع ومواقف تصنف على أنها للبحث عن الشهرة، وأن يترفع عن الجدل والمشاحنات.
أما الرسالة الثالثة فهي إلى ذلك الكاتب اليومي المشهور في جريدة واسعة الانتشار.. الذي يقسو في الخطاب على معارضيه ويلجأ إلى "التغريدات" ليقول ما لا يستطيع قوله في المقالات بعبارات أشد، مما يجعل الطرف المقابل له يرد بما يزيد الفجوة ويرسخ الفرقة والانشقاق بين فئات المجتمع.. ولو استغل هذا الكاتب قدرته ككاتب معروف وانتشار المطبوعة التي يكتب فيها للنقد الهادف البناء والمناقشة الهادئة مع معارضيه، لكان في ذلك خير كثير له ولوطنه ولتماسك مجتمعه.
والرسالة الأخيرة إلى مقدم البرامج الحوارية الناجحة التي ينتظرها المشاهدون بشغف كبير، ولكن المشكلة في بحثه عن الإثارة التي تزيد على الحد وتدفعه إلى أن يسأل ضيفه عن خلافات ومشادات جرت بينه وبين شخص معين في زمن مضى وقد نسيها الناس، فإذا الجرح الذي كاد أن يندمل يعود للنزف من جديد.. وتبدأ الملاسنات والاتهامات التي يكون الخاسر الأكبر فيها الوطن وتماسك المجتمع، وكان الأجدر أن يبحث ذلك المقدم الذكي عن أسئلة تحمل من الإثارة ما لا يضر ولا يؤدي إلى المزيد من الانقسام والخلاف حول قضية ربما لا تستحق هذه الإثارة وذلك الاختلاف.
وأخيراً: لنترك خلافاتنا جانبا ونؤجل تحقيق أمجادنا الشخصية، حيث لا أجد وقتاً نحن في أمس الحاجة فيه لتقوية وحدتنا الوطنية مثل هذا الوقت، ولذا أدعو إلى الحوار الإيجابي الذي يؤدي إلى التسامح، وليس الحوار الذي يؤدي إلى زيادة الفرقة والاحتراب، ولن يكون من الصعب على من سيحاول جمع من ذكرت على طاولة للحوار المباشر وترجمة الرموز إلى أسماء معروفة هي من تنطبق عليهم الأوصاف دون أن أقصد أحداً معيناً.. وكل عام وبلادنا بخير وأمن وأمان.