إنسان الخليج .. أغلى من النفط
حينما جلست لكتابة هذا المقال الذي يعتبر الأخير قبل أن أتوقف خلال شهر رمضان المبارك قررت أن يكون المقال شاملا ومركزا على "إنسان الخليج" وليس على جانب معين من حياته.. فهذا "الإنسان" وأعني بذلك الرجل والمرأة يملك قصة كفاح وعصامية لم تكتب بعد.. وما صدر من كتب وأنتج من أفلام وثائقية لا يمثل إلا جزءا يسيرا من قوة إنسان الخليج الذي وجد نفسه في بيئة قاسية يصارع الفقر والجهل والمرض.. ومع ذلك انطلق بقدمه الحافية على الرمال الساخنة وركب البحر بأمواجه المتلاطمة بحثا عن قوت يومه.. وكم فقد حياته في الحالين.. جوعا وعطشا في الصحراء أو غرقا في البحر!
وكان "الإنسان" في أماكن كثيرة من العالم ينعم بحياة ناعمة ويختار من أنواع الطعام والفواكه ما يشاء.. ويرتدي من الملابس ما يجعله يشعر بالدفء، بينما يرتجف "إنسان الخليج" وهو يرتدي ما يستر به عورته فقط!
ولم يشعر بمعاناته أحد من ذوي القربى أو غيرهم.. وشاء المولى أن يعوض إنسان هذه الأرض فتدفق النفط، وإذا بالجميع يسارعون للاهتمام به ويعرضون عليه صداقتهم وأحلافهم ويطلبون منه أن يرتاح ويترك العمل والإنتاج لهم!
ورغم أن "إنسان الخليج" قد تظاهر بالركون إلى الدعة والراحة خلال العقود الماضية، فإنه قد التفت للعلم والتفوق.. ولوحظ في السنوات الأخيرة عودته وبقوة لميدان العمل والإنتاج والمشاركة البرلمانية والسياسية وأخذ يرفع صوته بالرأي القوي، حينما يصل الأمر إلى قضايا السيادة الوطنية مما أغضب من يدعون صداقته والتحالف معه.. ومع أن هذا المشهد أظهر بجلاء أن "إنسان الخليج" أغلى من النفط الذي تراجعت قيمته في نظر المواطن الخليجي المستعد للعودة إلى حياة التقشف إذا دعت الحاجة، على عكس ما يعتقده الأعداء والأصدقاء من أنه قد ركن إلى حياة النعومة والرفاهية والاتكالية.
وأخيرا: "إنسان الخليج" أصل ملامحه صافية نقية وصورته عبث بها الأعداء وبعض الأصدقاء وساعدتهم وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي التي يديرها أبناؤنا مع شديد الأسف حتى أصبحت الصورة مهزوزة ولإزالة ما يحيط بهذه الصورة من سواد، أدعو وكالة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لشؤون الإنسان إلى دراسة الفكرة التي أطرحها اليوم وآمل مساندتها ممن تفاعل مع مقالي للأسبوع الماضي وأخص أخي الفاضل توفيق اللواتي عضو مجلس الشورى في سلطنة عمان والكوكبة العزيزة التي غردت على موقعه في "تويتر"، وملخص الفكرة إقامة لقاء سنوي يعقد تحت عنوان "إنسان الخليج أغلى من النفط" بحيث يكرم خلال هذا اللقاء نخبة ممن تفوق من أبناء وبنات الخليج في مختلف المجالات، خاصة في مجال العلوم والابتكارات لإعادة الصورة إلى ما كانت عليه الأصل الناصع من صفاء يشبه شمس الخليج الساطعة.