وظائف حبر على ورق

بعد أيام ستبدأ جامعاتنا ومعاهدنا بتخريج أفواج من أبنائنا طلبة وطالبات من مختلف التخصصات، هذا في الداخل عدا الطلبة والطالبات المبتعثين للدراسة في الخارج، وسيحصل كل فرد منهم على شهادة جامعية ويبدأ بعدها المشوار الطويل لهؤلاء الطلاب والطالبات وهو البحث عن الوظيفة.
كم من طالب وطالبة تمنى ألا تنتهي سنوات دراسته الجامعية حتى يستمر صرف المكافآت الجامعية له! ولكن بعد التخرج كيف سيكون الحال؟
وزارة الخدمة المدنية بعد أن تتسلم وثائق الخريجين هذا لو كانت هناك وظائف مطلوبة ولكن "يا ليل ما أطولك"! والجواب من موظفي الديوان "سنتصل عليك حالما تتوافر وظيفة"، هذا لعامة الناس، أما من له وسائط أو علاقات كبيرة ومهمة فهو مستثنى من جواب الوزارة وستأتيه الموافقة في غضون أيام إن لم يكن يوما أو يومين.
وتبدأ الهموم مرسومة على وجوه هؤلاء الطلاب والطالبات، فكم من شخص يرسم الأمل بعد تخرجه، لكن من أين تأتي الوظيفة؟
المشكلة تكمن في عدم التنسيق المسبق بين جامعاتنا ووزارة الخدمة المدنية، فهناك تخصصات جامعية لا تحتاج إليها سوق العمل، لأن أماكن شغورها مكتفية والاحتياطي منها كثير. مع ذلك تستمر هذه الجامعات في تدريس تخصصات أصبحت مرافق الدولة غير محتاجة إليها، مثلا هناك تخصصات مثل: اللغة العربية، التاريخ، الجغرافيا، والرياضيات فيها اكتفاء ذاتي لجميع مراحل التدريس ووزارة الخدمة لا تأخذ وثائق هذه التخصصات غالباً، إذا لماذا جامعاتنا تستمر في تدريس هذه التخصصات ما دمنا لسنا في حاجة إليها؟ ما يضطر معه حاملو هذه التخصصات للعمل في أي مجال يصادفهم حتى ولو كانت الوظيفة دون المستوى المطلوب، المهم في ذلك أن يحصل الخريج على وظيفة متدنية قد يكون زميل له يعمل فيها من غير مؤهل، علما بأنني لا أقلل من أهمية أصحاب هذه التخصصات التي تعمل في الكثير من مدارسنا.
أنا شخصيا كان لي موقف مع أحد الإخوة، وهو سعودي الجنسية ويحمل مؤهلاً علمياً ويعمل حارس أمن في إحدى المؤسسات! وحينما سألته لماذا لم تبحث عن عمل يتناسب مع مؤهلك العلمي؟ ابتسم ابتسامة مليئة بالأسى والهموم وقال لي: على يدك، أمضيت سنتين أبحث عن وظيفة تتناسب مع ما تعلمته وتخصصت فيه، لكن -مع الأسف- لم أجد أمامي إلا هذه الوظيفة واضطررت إلى أن أقبل بها. في الوقت نفسه نجد شركات كبيرة جدا يوجد فيها من العمالة الأجنبية كثيرون يحملون تخصصات موجودة لدى أبنائنا السعوديين وهم يتقاضون مرتبات عالية جدا في الوقت الذي لا يمكن للموظف السعودي أن يحصل عليها!
الشيء المهم، خصوصاً مع بداية قبول الجامعات لأبنائنا الطلاب، هناك الكثير من أبنائنا وبناتنا ممن ترفضهم جامعاتنا من القبول، فيضطرون للبحث عن الجامعات في دول الجوار وبعد تخرجهم يجدون الوظيفة المناسبة والسكن المناسب وتهيأ لهم كل أسباب وسبل الراحة والإقامة الطيبة، واستقر كثيرون منهم وتزوجوا ونسوا الأهل والأصدقاء، لأنهم وجدوا من رحب بهم ونسوا من أقفل الأبواب في وجوههم!
مع صدور قرار خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة من ست وزارات لتصنيف المؤهلات العلمية هل ستباشر هذه اللجنة أعمالها بسرعة متناهية ويتم التعامل مع أصحاب هذه المؤهلات حسب ما لديهم من تخصصات علمية ويحصلون على وظائف تناسب تخصص كل منهم؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي