نظامنا الغذائي .. ونحن نستقبل رمضان
أدعو الله أن يبلغنا شهر رمضان المبارك، وأن يتقبل منا جميعاً، وأن يعلمنا هذا الشهر كيفية تنظيم غذائنا من ضمن فوائده العديدة .. فنحن نقرأ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأقوال المأثورة والحكم ونصائح الأطباء التي تحث على عدم الإفراط والإسراف في الأكل، ويتخذ بعضنا قراراً بينه وبين نفسه بأن لا يملأ ذلك الوعاء الذي هو بيت الداء، وأن يترك ثلثي شرابه وطعامه في وضع مريح، ناهيك عن ثلث النفس أو التنفس.. وبمجرد وضع المائدة أمامه ينسى هذا القرار ولا يترك للنفس نصيباً في المعادلة، ويزيد الأمر تعقيداً إن كان مدعواً، وأخذ صاحب الدعوة يردد عبارة "الأكل على قدر المحبة"، ثم بدأت قذائف من اللحم المحاط بالشحوم والدهون تتهاوى أمامه.. وأتبع ذلك باللبن والبطيخ.. وبعد منتصف الليل بقليل يتكرر نفس المشهد، ثم يسرع إلى فراشه، وينهض في الصباح شاكياً، وكأنه لا يعلم السبب!
وتقابل هذه الصورة صورة الماضي البسيط في كل شيء، وبالذات في الغذاء المكون غالباً من التمر واللبن وشيء من البر، ولمرة واحدة في اليوم وفي وقت مبكر، ويصاحب ذلك حركة لا تهدأ وعمل ميداني وعضلي، وسير على الأقدام لمسافات طويلة.. أما اللحم فلا ذكر له إلا في مناسبة مهمة.. ولذا سلم الآباء والأجداد من أمراض تنتشر حالياً حتى بين الشباب، وأهمها مرض السكري الذي فشلت كل الجهود في الحد من انتشاره بشكل ملحوظ.
وأخيراً: أنا لا أدعو إلى أن نعود لغذاء الماضي، فلربما هناك عناصر غذائية مهمة لم تكن متوافرة.. لكنني فقط أشير إلى أن إعادة النظر في نظامنا الغذائي الذي أعتقد أنه سبب رئيسي لما نحن فيه من وهن وكسل وأمراض غريبة مطلب مهم.. وعلى أبناء هذه البلاد من الأطباء والمؤهلين في مجال التغذية التوسع في إجراء ونشر بحوث مكثفة عن تأثير النظام الغذائي الحالي في صحة الأجيال، ولتؤخذ في الحسبان نقطتان مهمتان هما مواعيد الطعام ونوعيته، ويشمل ذلك الدواجن والماشية وطريقة تربيتها وتسمينها والخضراوات وطريقة زراعتها وسمادها.. وهناك بند مهم وهو الوجبات السريعة التي دخلت حياتنا بشكل سريع وخطير، وأصبح الأطفال أو الشباب لا تنفتح شهيتهم لما لذ وطاب من موجودات منزل الأسرة، بينما يسارعون لأكل ما لا يعلم إلا الله مكوناته ومحتوياته، مع تناول المشروبات الغازية التي يزداد الإقبال عليها كبديل للعصائر الطازجة التي تعتبر من أهم مقومات الغذاء الصحي الذي يعتمد عليه الآخرون في بناء أجسام أطفالهم، بينما يتمرد أطفالنا علينا ولا يختارون من الغذاء إلا ما غَلا ثمنه وقلت فائدته.