الكفاية والفقر
أثير جدل بالأمس حول الدراسة التي أعدها الباحث الدكتور سامي الدامغ بتمويل من مؤسسة الملك خالد الخيرية. حددت الدراسة نقطة التعادل لأسرة مكونة من خمسة أشخاص بمبلغ يقارب تسعة آلاف ريال شهرياً. تقصد الدراسة لتكوين مرجعية يمكن على أساسها بناء قرارات الجهات الاقتصادية والداعمة في مجالات التوظيف والعون الاجتماعي والحماية الأسرية.
كتبت سابقاً أن الدراسة قريبة جداً من الواقع، حتى إن بدت بعض الأرقام التي حددتها عالية في مجالات ومنخفضة في مجالات أخرى، يحكم ذلك الاختلاف عوامل المكان والالتزامات الأسرية. يرى كثيرون أن المدن الأصغر والمراكز يمكن أن تنخفض أرقامها، لكن بقاءها في المنظومة يدعم توازن التنمية والحث على إعمار المدن الأقل كثافة.
يهمني أن يفهم الجميع أن حقوق المواطنين متماثلة، ومن ضمن تلك الحقوق فرصة الأبناء والبنات في الحصول على تعليم جيد، وعناية صحية على مستوى عال. تلك النقطة هي محور الجدل في كثير من نقاشاتنا اليوم، فمن قائل إنه يحق لأبناء الأسر الغنية ما لا يحق لأبناء الأسر الفقيرة، وهو بهذا يوجد الفروق التي لا تتفق مع نظرة الدولة والدين لتلك المسألة، وآخر يرى أنه لا توجد التزامات مرهقة على الأسر الفقيرة، وهو أمر يخالف الواقع وعادات المجتمع وتقاليده.
عندما نتحدث عن أسرة على خط الكفاية، نتحدث عن أسرة تدفع الإيجار واستهلاك المياه والكهرباء، فإن لم يدرس أبناؤها في المدارس الخاصة، أرهقتها الدروس الخصوصية.
عقبت وزارة الشؤون الاجتماعية ــ بالطبع ــ على الدراسة واعتبرتها ممثلة لرأي شخص ومؤسسة ولا تعبر بالضرورة عن واقع المجتمع وحاله في كل مدينة. كأني بالوزارة تريد أن تعتمد رواتب مختلفة لكل منطقة، أو أنها تنظر إلى الوطن كأجزاء غير متماثلة.
هي لم توفر البديل كالعادة، ومنذ نشأت وهي في موقف المتحفظ على تحديد خط الفقر الذي تحدده أغلبية دول العالم كمسيِّر لكثير من الأنشطة والقرارات والمبادرات والمشاريع الحكومية والخاصة.
كما أنها نسيت أن الرقم المقترح هو خط الكفاية وليس خط الفقر، وفي ديننا الإسلامي هناك فرق بين المسكين والفقير، وكلاهما يقع ضمن مسؤولية الوزارة، وعليها إما أن تعتمد الدراسة أو تقدم البديل المقنع.