برنامج التمويل الإضافي .. تعددية لقنوات التمويل
بالأمس القريب وبالتحديد بتاريخ 18 أيار (مايو) من العام الجاري، تم تدشين الانطلاقة الرسمية لبرنامج التمويل الإضافي، بتوقيع كافة البنوك السعودية وعدد من جهات التمويل الأخرى من غير البنوك التجارية، لاتفاقيات شراكة مع صندوق التنمية العقارية، بالصيغة الجديدة للبرنامج المتوافقة مع نظام الرهن العقاري.
جدير بالذكر أن برنامج التمويل الإضافي، جاء بتوجيه من مجلس الوزراء، بالطلب من صندوق التنمية العقارية، بوضع آلية للتعاون بين الصندوق والمؤسسات المالية التجارية، لمنح تمويل إضافي لمن يرغب من مقترضي الصندوق. وتلبية لهذا المطلب التنموي والاجتماعي المهم، بادر صندوق التنمية العقارية بالتنسيق مع الجهات أصحاب العلاقة ممثلة في وزارة العدل، البنوك السعودية وعدد من شركات التمويل العقاري، لبحث أفضل السبل الكفيلة لتحقيق ذلك المطلب، وبما يحقق المحافظة على حقوق المتعاملين ضمن إطار وحدود البرنامج. وقد سبق الانطلاقة الرسمية لبرنامج التمويل الإضافي في صيغته الجديدة، تطبيق تجريبي للبرنامج، الذي شاركت فيه أربعة بنوك سعودية هي (البنك الأهلي التجاري، ومصرف الراجحي، ومجموعة سامبا المالية، والبنك السعودي الهولندي)، الأمر الذي أسهم بفعالية في تقييم مسار البرنامج من خلال التطبيق الفعلي للتجربة والتعرف على مواطن القوة والضعف.
وتقوم فكرة برنامج التمويل الإضافي، على توفير تمويل مشترك بين الصندوق والجهة الممولة (بنك أو شركة تمويل عقاري مرخص لها بمزاولة نشاط التمويل العقاري من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي) لجميع المواطنين، الذين صدرت لهم الموافقة على منحهم القرض العقاري من الصندوق، بحيث يتم ضم مبلغ قرض الصندوق والذي هو بحدود 500 ألف ريال، إلى مصدر تمويل إضافي قد يساوي أو يقل عن قيمة قرض الصندوق تبعاً للملاءة المالية للمقترض، بحيث يستطيع المواطن شراء منزل بقيمة أعلى من قيمة قرض الصندوق أو شراء أرض بتمويل البنك لإقامة مسكن عليها بقرض الصندوق أو الحصول على التمويل بغرض إضافة وحدات سكنية إضافية على مبنى ممول بقرض من الصندوق. وتطمح إدارة صندوق التنمية العقارية في المستقبل، إلى تنفيذ المزيد من تطبيقات برنامج التمويل الإضافي، بحيث يتمكن المواطن، من الحصول على تمويل مشترك لاستكمال البناء لمن يملك أرضا وقرضا ولم يستطيع البناء عليها بقيمة القرض الممنوح له من صندوق التنمية العقارية. ومن بين التطبيقات المستقبلية أيضاَ، توفير تمويل إضافي مبكر للمواطن ممن لديه أرض ويرغب البدء في البناء قبل صدور موافقة الصندوق أو يرغب في شراء مسكن جاهز بنية التسديد المبكر عند صدور موافقة الصندوق العقاري على منحه القرض.
جدير بالذكر، أن نظام سداد القرض يتم وفق آلية تسمح بالاستقطاع الشهري من راتب المقترض للبنك مباشرة ولصندوق التنمية العقارية بعد انقضاء المدة النظامية المحددة لحلول سداد أقساط الصندوق (24) شهراً بعد توقيع العقد. وبالنسبة لضمانات القرض، فهي تتم وفقاً لآلية تسمح بإفراغ العقار باسم المقترض، ورهنه لصالح الصندوق ولصالح الجهة الممولة كل بحسب حصته في القرض.
دون أدنى شك أن برنامج التمويل الإضافي في صيغته الجديدة، سيحدث نقلة نوعية في مفهوم التمويل المشترك في المملكة العربية السعودية وفقاً لآلية مبتكرة تعمل على المحافظة على حقوق الدائنين والمدينين على حدا سواء، ولا سيما في ظل صدور أنظمة التمويل الجديدة ولوائحها التنفيذية والأنظمة المساندة لها (نظام الرهن العقاري وقضاء التنفيذ)، باعتبارها ستعمل جنباً إلى جنب وبشكل متكامل لضمان توفير بيئة ائتمانية مواتية لازدهار نشاط التمويل العقاري في المملكة، الذي ظل يعاني لفترة طويلة من الوقت من البطء والركود، نتيجة لغياب التشريعات والتنظيمات، التي تعمل على المحافظة على حقوق المتعاملين وصيانتها من التعدي والتجاوزات.
إن مثل هذا البرنامج التنموي الطموح، يتوقع أن يُمكن شريحة كبيرة من المواطنين من امتلاك منازل، وبالذات بالنسبة لتلك الشريحة التي صدرت لها موافقة صندوق التنمية العقارية بمنحها قروضا عقارية، والتي يزيد عددها على 100 ألف مواطن، ولم تتمكن من استخدام القرض، بسبب عدم كفاية مبلغ القرض لبناء أو لشراء وحدة سكنية جاهزة، بسبب ارتفاع أسعار الأراضى، التي تستحوذ على ما يزيد على 50 في المائة من قيمة تكلفة العقار.
ويتوقع لمثل هذا البرنامج أن يسهم بفاعلية في إشعال روح المنافسة الصحية بين جهات التمويل المختلفة (البنوك التجارية وشركات التمويل العقاري)، ولاسيما بعد السماح للبنوك بمزاولة نشاط التمويل العقاري استثناءً للفقرة (5) من المادة العاشرة من نظام مراقبة البنوك، والذي بدوره سيتيح للمقترض الاختيار من بين أكثر من قناة تمويلية لشراء مسكنه، بسبب تعدد قنوات التمويل، وبما يتناسب مع ظروفه المالية ومستوى الأسعار والشروط والأحكام، التي تتوافق مع احتياجاته ومتطلباته.
خلاصة القول، إن برنامج التمويل الإضافي، يعد من بين الشراكات الناجحة بين القطاعين العام والخاص، التي تستهدف إيجاد حلول ناجعة للتعامل مع مشكلة الإسكان في المملكة، من خلال ابتكار برامج تمويلية مثل برنامج التمويل الإضافي، الذي سيتيح للمواطن امتلاك المسكن المناسب. ويتوقع لهذا البرنامج أن يشهد نجاحاً كبيراً في ظل التحسينات الكبيرة التي طرأت على البيئة الائتمانية في المملكة والنمو المطرد على المساكن من قبل المواطنين، إضافة إلى التفاعل المتوقع من قبل جهات التمويل مع البرنامج، ولاسيما في ظل الإقبال اللافت للبنوك التي شاركت في المرحلة التجريبية للبرنامج، بتطبيقها لأربعمائة حالة قرض في وقت قصير جداً من عمر الزمن.