قوة الإعلام .. بعد القوة العسكرية
قوبلت مناورة "سيف عبد الله" التي أجريت خلال الأيام الماضية في حفر الباطن، بارتياح كبير من المواطنين، لأنها أظهرت أن القوة العسكرية التي بناها سلطان بن عبد العزيز ــ يرحمه الله ــ وتعهدها سلمان بن عبد العزيز بالرعاية والعناية، لديها من القدرة الفنية والقتالية والتسليح الحديث ما يرهب الأعداء ويحمي بلادنا ــ بإذن الله ــ وإن كان من أمنية للمواطن فهو أن يرى زيادة بشرية في أعداد قواتنا المسلحة عموماً لتصل خلال السنوات المقبلة إلى مليون جندي نظامي واحتياطي مدربين على السلاح، ليناسب هذا الحجم التحديات الكبيرة وأهمها اتساع رقعة بلادنا والأعداء المتربصين بها من جميع الاتجاهات.. وقد يقول قائل إن التفوق التقني والتسليح الحديث وبالذات في مجال الطيران يكفي، ولكن القوات البرية بأعدادها الكبيرة لها دورها الفاعل في إرهاب العدو وحسم المعارك كما يقول العسكريون.
وإضافة إلى القوة العسكرية لا بد لبلادنا من قوة إعلامية تقف في وجه الهجمة الشرسة على بلادنا وتحمي الوحدة الوطنية، ولا أقصد بالقوة الإعلامية الإعلام الرسمي الحكومي فقط، وإنما أقصد منظومة الإعلام بشكل عام، ولذا فإن الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام، الذي تحقق على يديه كثير من الإنجازات الإعلامية والثقافية، مدعو أن يمضي في جهوده لإيجاد كيانات إعلامية قوية تناسب المرحلة. ومن الخطوات المهمة وضع جدول زمني لتحويل هيئة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء السعودية وهيئة الإعلام المرئي والمسموع إلى شركات مساهمة، بعد أن نجح الوزير الدبلوماسي في تحويلها إلى هيئات عامة. ويأتي الدور بعد ذلك على المؤسسات الصحافية، فبقاؤها بالشكل الحالي يجعلها عرضة للتآكل والخسارة وربما توقف بعض مطبوعاتها الواحدة بعد الأخرى في ظل منافسة قوية من الإعلام الإلكتروني والفضائي، ولأن بعضها يعتمد على مصادر محدودة من الإعلانات والاشتراكات، وحينما تتحول إلى شركات إعلامية برؤوس أموال قوية يمكنها إنشاء محطات للإذاعة والتلفزيون وإصدار صحف إلكترونية بل إنشاء وكالات للأنباء، وشركات تابعة للمعارض والمؤتمرات والعلاقات العامة. وهنا تصبح "صناعة الإعلام" ضمن أهم حقول الاستثمار في بلادنا التي تشهد وفرة مالية وشحاً في قنوات الاستثمار.
وأخيراً: نريد من قوة الإعلام أن تحمي أهم مكتسبات هذا الوطن، حيث تتصدى لكل من يحاول المزايدة على بلادنا باسم الإسلام أو العروبة، "فهنا في بلادنا" كما يؤكد الملك عبد الله وسمو ولي العهد "منبع العروبة ومهد الإسلام"، كما أن وحدتنا الوطنية من المكتسبات التي على الإعلام مسؤولية ترسيخها، حيث لا يشجع على الانقسام وكيل الاتهامات بأساليب غير مقبولة بين هذا الفريق أو ذاك، بل إن وسائل إعلامية محسوبة علينا قد تخصصت في إظهار العيوب والخلافات في مجتمعنا وتضخيمها بشكل غير مقبول، بعيداً عن اعتماد الطرح الإيجابي الكفيل بحل أي اختلاف في وجهات النظر أو الرأي، وهي بذلك تقدم هدية لأعدائنا الذين يفرحون بأي شقاق أو انقسام في مجتمعنا.