ماذا يريد أوباما؟
بعد انتهاء الغزو العراقي على دولة الكويت وخروج صدام حسين منها، وبعد مرور عام تقريباً من انتهاء الغزو الغاشم أنتجت دولة الكويت مسرحية فكاهية هزلية بعنوان: "سيف العرب هز أمريكا". كان بطل المسرحية الفنان الكويتي المعروف عبد الحسين عبد الرضا الذي، جسد نفسه في دورين الأول رجل مسن عانى الكثير من مداهمات الجنود العراقيين لمنزله، أما الشخصية الثانية فقد انتحل شخصية صدام حسين "سيف العرب".
في الشخصية الأولى كان الفنان عبد الحسين عبد الرضا يردد مقولة: (يا جماعة والله مطبوخة)، فالكل في الكويت اعتبروا المنقذ الأول لهم بعد الله هو الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش الأب، والجميع جعل لذلك الرئيس الرمز الأكبر في تاريخ الأمة العربية، لدرجة أنه بعد الغزو وتحرير الكويت تم إهداؤه الطائرة الخاصة المباركية تقديراً لدوره في تحرير الكويت، بينما يستمر الفنان الكويتي المعروف بقول (يا جماعة صدقتوا بوش والله السالفة مطبوخة)، ويعني بذلك أن هناك اتفاقا على عملية الغزو. ويستمر الفنان في حديثه الهزلي قائلاً: الجماعة قالوا نبي نسحب شوية هالبترول من عندهم لذلك دبروا حيلة الغزو والآن أتو لكي يحررونا.
طبعاً سنين طويلة ودول الخليج ــ وأقصد بها الدول المعنية بهذا الغزو ــ وهي تسدد فاتورة التحرير.
وها هو التاريخ يعيد نفسه بعد مرور 26 سنة على تحرير الكويت، جاءت حيلة أخرى من الأمريكان (الربيع العربي) وانطلقت الشرارة الأولى في تونس وهي الآن تعاني الأمرين من عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي، وتلتها ليبيا وهي الآن تعيش أقسى أنواع العنف والقتل، ثم اليمن وظهور ما يسمى بالحوثيين ومدهم بالسلاح عن طريق الحليف الجديد (إيران)، وأصبح اليمن يعاني بدلاً من المر مرين: الاقتصاد المتدهور والبطالة، وأخيراً شبح الحرب الأهلية، وبعدها امتدت يد الربيع العربي إلى مصر، ولولا عناية المولى ــ عز وجل ــ ثم موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ووقوفه إلى جانب القوات المسلحة المصرية، لكان من يسمون بالإخوان دمروا مصر بأكملها.
وها هي سورية وإضراب الأمن في البحرين وانقسام السودان إلى دولتين، كل ذلك والولايات المتحدة لها الفضل الأول في انتهاك حقوق تلك الدول بعدما احتلت العراق وتم تسليمها رسمياً لدولة شيعية (إيران)، التي من مطامعها امتداد النفوذ الشيعي للدول الخليجية بأكملها.
وأوباما الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أدار ظهره لحلفائه الأقوى اقتصادياً (دول الخليج)، حيث بدأ ينظر إلى تعزيز أواصر الصداقة مع العدو السابق إيران. في الأمس القريب زار أوباما المملكة العربية السعودية، إضافة إلى دول أخرى. يا ترى ماذا يوجد في حقيبة أوباما؟ وماذا ينوي أن يفعل!
هل سيأتي بمقترحات جديدة بعد أن انكشفت نوايا بلاده وسقطت الأقنعة عن وجوه إدارته، أم أن في جعبته "ربيع عربي آخر" أم ماذا؟ أم ماذا؟ أم ماذا؟
علامات استفهام حول هذه الزيارة التي يعول عليها الكثير من المحللين السياسيين على عدم أهميتها التي لن تحمل الكثير من محامل الجد والمضي قدما نحو استقرار سياسي وأمني في المنطقة، علما بأن زيارة أوباما تزامنت مع زيارة نائب وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز للولايات المتحدة والتقائه كبار المسؤولين العسكريين.
فهل هذه الزيارة لأوباما ستعيد ثقة المنطقة العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية للولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل سيعترف أوباما بأنه تجاوز خط الصداقة والاتفاقيات المبرمة منذ سنين طويلة مع رؤساء حكومات سابقين للولايات المتحدة؟ وهل ستعود أمريكا من جديد صديقا حميما ويفشل المثل المتردد حالياً "أمريكا لا يوثق بها"؟!