تحسين كفاءة الخدمات الصحية

بلغت ميزانية الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية في السعودية لهذا العام ما يفوق 100 مليار ريال وتمثل نحو 14 في المائة وبزيادة بنسبة 8 في المائة عن العام المالي الماضي. تعتبر هذه الزيادة جيدة ونتمنى لها أن تستمر ونأمل أن تتحمل القطاعات الأخرى مثل هذه الزيادة حتى لو تذبذبت أسعار البترول في المستقبل.
تعد ميزانية ضخمة بكل المقاييس نأمل أن تنعكس إيجابا على الخدمات الصحية المقدمة للمجتمع، خاصة أنها تشمل عددا من المشاريع مثل المستشفيات التخصصية والمراكز الصحية، التي تأخذ وقتا طويلا لإتمام إنشائها، وربما وقتا أطول لإعداد الكوادر الصحية المتخصصة، التي تكفي لتشغيلها.
من الممكن أن تعمل هذا المستشفيات بصورة أكفأ، أسوة بكثير من الدول ذات الرعاية الصحية المتطورة، خاصة إذا رافقت هذه المنشآت والاستثمارات الصحية سياسات مثلى تعتمد على برامج الرعاية الأولية الصحية الشاملة، وتقلل الضغط على المستشفيات المرجعية.
يؤكد جو فلاور أحد المهتمين بأنظمة الرعاية الصحية، ومؤلف كتاب "الرعاية الصحية وراء الإصلاح: الممارسة الصحيحة بنصف التكلفة" أن جميع بلدان العالم، التي تقدم خدمات صحية بجودة عالية وتنظيم واضح تتميز برعاية صحية أولية قوية. لا تزال الرعاية الصحية الأولية الشاملة في المملكة غير مؤثرة ولم تصل إلى ثقة كثير من المرضى، ما جعلهم يتوجهون للمستشفيات، الأمر الذي يشكل عبئا كبيرا في أعداد المراجعين في المستشفيات المرجعية والتخصصية. ويمكن ملاحظة أن كثيرا من المراجعين في المستشفيات في حاجة إلى متابعة دورية يمكن تقوم بها مراكز الرعاية الصحية الأولية. كما يوجد بعض المرضى الذين يتابعون في أكثر من مستشفى، ولهم أكثر من ملف، ما يؤدي إلى زيادة العبء على الخدمات الصحية.
وكمثال على ذلك، تشير الإحصائيات أن مرض السكري يشخّص بأعداد مرتفعة جدا في جميع أنحاء العالم وتحتل المملكة المرتبة الثالثة عالمياً من حيث نسبة الإصابة به، التي ربما تتجاوز ثلاثة ملايين مصاب. ومن المعروف أنه يمكن أن يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم إلى عدد من المشاكل الصحية، حيث إن ارتفاعه في الدم، حسب رأي الأطباء، يؤدي إلى ضرر يتأثر به تدفق الدم تظهر آثاره في العينين والكليتين والأعصاب، وقد ينتج عنه مضاعفات خطيرة، مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية. إدارة مرضى السكر في العيادات الأولية بصورة منظمة ستحد كثيرا من الضغط على عيادات القلب والكلى وشبكية العيون. كما توجد لأمراض كثيرة مثل الكوليسترول والضغط واضطرابات الغدة الدرقية، أعراض جانبية كبيرة ومكلفة يمكن أن تتولى إدارتها المراكز الصحية الأولية مما يخفف الضغط على المستشفيات.
لأهمية الرعاية الصحية الأولية، التي تعد الواجهة لمستوى ونوعية الخدمات الصحية. فقد لقيت اهتماما كبيرا في كثير من الدول ومنظمات الصحة العالمية، حتى إن بعض الجامعات بدأت تنشئ برامج خاصة في الطب على مستوى البكالوريوس لإعداد أشخاص تتوافر لديهم المهارات اللازمة للاستمرار في برامج الرعاية الصحية الأولية. آمل من القائمين على الصحة النظر في عمل برامج صحية شاملة تغطي جميع أرجاء المملكة وتوحيد الملف الصحي للنهوض بالخدمات الصحية في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي