الأمير مقرن وليا لولي العهد .. على بركة الله

الأمر الملكي الذي صدر أمس الأول بتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً لولي العهد جاء رداً على أقوال المشككين الذين يروجون الشائعات حول مستقبل نظام الحكم في المملكة العربية السعودية.
ولو حللنا الأمر الملكي نجد أنه اتخذ الخطوات كافة الشرعية والنظامية والوقائية الهادفة إلى تحقيق نقل السلطة في ظل قواعد تضمن مزيداً من الاستقرار والاستقلال.
أكثر من هذا فإن هذا الأمر بهذه الصيغة التي خرج بها، إنما أراد أن يرسخ القواعد التي وضعها مؤسس هذه البلاد جلالة الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه.
لقد نص الأمر الملكي على ما يلي: "عملا بتعاليم الشريعة الإسلامية فيما تقضي به من وجوب الاعتصام بحبل الله والتعاون على هداه، والحرص على الأخذ بالأسباب الشرعية والنظامية، لتحقيق الوحدة واللحمة الوطنية والتآزر على الخير، وانطلاقا من المبادئ الشرعية التي استقر عليها نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، ورعاية لكيان الدولة ومستقبلها، وضمانا - بعون الله تعالى - لاستمرارها على الأسس التي قامت عليها لخدمة الدين ثم البلاد والعباد، وما فيه الخير لشعبها الوفي.
وبعد الاطلاع على النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ 27/ 8/ 1412هـ.
وبعد الاطلاع على نظام هيئة البيعة الصادر بالأمر الملكي رقم أ/135 وتاريخ 26/ 9/ 1427هـ.
يبايع الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ولي ولي العهد، وليا للعهد في حال خلو ولاية العهد، ويبايع ملكا للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد".
ولذلك قد يتوقف البعض عند الحيثيات التي صدر بها الأمر الملكي بتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز على وظيفة لم تكن معروفة في الهيكل التنظيمي للمملكة العربية السعودية، ولكن ما يجب أن نوضحه أن وظيفة ولي ولي العهد هي وظيفة ضرورية ونحن على طريق نقل السلطات في ظروف داخلية وخارجية بالغة الدقة.
ولذلك إذا حللنا حيثيات الأمر الملكي نجد أنها تعبر عن المنهج الذي وضعه الملك عبد العزيز لحكومته منذ أن أسس هذه المملكة الفتية في عام 1902، قال الملك عبد العزيز لشعب المملكة يومذاك: إن الأمر شورى في هذه البلاد، كذلك كان الملك عبد العزيز يؤمن بأن العدل أساس الملك، ولذلك نفذ منهج العدل الحكيم في كل تصرفاته، وإذا رجعنا إلى نصوص أوامره وقراراته نجد بأنه لا يصدر أوامره وقراراته إلاّ بعد تمحيص وإحاطة شاملة لكل القضايا المحيطة.
ونذكر جميعاً أن الأمر الملكي الذي أصدره الملك عبد العزيز في عام 1932 وغير بموجبه اسم مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، إلى اسم المملكة العربية السعودية أنه بدأ بعبارة: "بناء على طلب الأهالي ....."، أي أنه بدأ الأمر الملكي باستعراض الحيثيات ثم تدرج في التوجيهات، وهذا ما تم تطبيقه في الأمر الملكي الذي أصدره الملك عبد الله بن عبد العزيز وعين بموجبه الأمير مقرن في ولاية ولاية العهد وما بعدها بعد عمر طويل للملك عبد الله والأمير سلمان.
ومن هذا المنطلق إذا رجعنا إلى الأمر الملكي الذي أصدره أمس الأول خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً لولاية العهد نجد أنه استرسل في الحيثيات حتى يكون عادلاً، ومتشاوراً، ومهتماً بتطبيق الأنظمة والقوانين، وهو المنهج نفسه الذي وضعه الملك عبد العزيز إبّان حياته، أي أن الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين أمس الأول لم يصدر بقرار فردي، بل صدر بعد إحالته إلى هيئة البيعة، وبعد حصوله على الأغلبية في هيئة البيعة وفقاً للقواعد التي تعلمناها من المعلم والمؤسس الوالد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود.
وإذا رجعنا إلى الجوانب الموضوعية في شخصية الأمير مقرن بن عبد العزيز نجد أنه تربى في بيت والده محبا للعلم والفروسية، وتلقى تعليمه الأولي في معهد العاصمة النموذجي بالرياض، ودرس في الكلية الجوية الملكية البريطانية وتخرج منها حاصلا على بكالوريوس في علوم الطيران، ثم حصل على دورات طيران متقدمة لمدة ثلاث سنوات من وحدة تدريب القتال في قاعدة الملك عبد العزيز الجوية بالظهران وتخرج منها طيارا مقاتلا، ثم حصل على دراسات ودورات أخرى في تدريس الطيران في بريطانيا عام 1394هـ (1974م)، ودورة قيادة أركان بما يعادل درجة الماجستير من الولايات المتحدة الأمريكية. لقد بدأ الأمير مقرن حياته العملية كطيار بالقوات الملكية الجوية السعودية، تولى قيادة السرب السابع، ثم أصبح مدرسا للطيران ثم عمل نائبا لقائد العمليات الجوية بالقوات الجوية الملكية السعودية وحتى تعيينه أميرا لمنطقة حائل في عام 1400هـ (1980م)، ثم صدر الأمر الملكي رقم أ/206 وتاريخ 16/ 8/ 1420هـ (11/ 1999م) بتعيينه أميرا لمنطقة المدينة المنورة بمرتبة وزير، ثم صدر الأمر الملكي رقم أ/299 وتاريخ 19/ 9/ 1426هـ (10/ 2005م) بتعيينه رئيسا للاستخبارات العامة بمرتبة وزير خلفا لأخيه الأمير نواف بن عبد العزيز، ثم صدر الأمر الملكي رقم أ/161 وتاريخ 29/ 8/ 1433هـ (يوليو 2012م) بإعفائه من منصبه وتعيينه مستشارا ومبعوثا خاصا لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير، ثم صدر الأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ 20/ 3/ 1434هـ (1/ 2/ 2013م) بتعيينه نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء بالإضافة إلى منصبه السابق. وإلى أن صدر أمس الأول الأمر الملكي باختياره وليا لولي العهد.
إننا نستقبل تعيين الأمير مقرن بمثل ما استقبلنا به تعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز، وقبله الملك عبد الله، ونقول ألف مبروك للشعب السعودي، ودعاؤنا أن يوفق الله الأمير مقرن للقيام بهذه الوظيفة التي تعتبر صمام الأمان لنظام عاش وسيعيش على مبادئ الخير والاستقرار والتقدم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي