خط الفقر

قرر الاتحاد الأوروبي تحديد الحد الأدنى للأجور بمبلغ يعادل 43 ريالا تقريباً في الساعة. لو طبقنا هذا الرقم في المملكة فهو يعني راتبا شهريا يعادل 6500 ريال. هذا المبلغ إذا قارناه بواقع العمل في المنطقتين نجده منطقياً لدينا لأسباب عديدة أهمها أن الموظف السعودي يعول ما لا يقل عن خمسة أشخاص في سن ذروته وهو عدد لا يمكن أن يعوله أي أوروبي.
الحد الأدنى للأجور ينطبق على فئات لم تحصل على تدريب أو تأهيل علمي تخصصي. هذه حالة منتشرة لدينا كذلك، فكثير ممن يعملون في الوظائف الحكومية الأصغر في السلم يتقدمون للعمل بشهادة لا تتجاوز الثانوية العامة. وليس مقبولاً أن يعين المؤهلون على هذه الوظائف، وإن لأسباب أو فترة محدودة.
هذا الرقم قد يكون منطقياً تطبيقه على المواطن السعودي في مختلف القطاعات. يتحجج البعض بأن الحد الأدنى للأجور يلزم الدولة بأن تطبق سياسته على العمال الأجانب. حجة كهذه لا تستقيم لأن الحال الاجتماعية، والالتزامات المادية مختلفة تماماً بين الفئتين. علاوة على أن الكثير من المؤسسات التي تتعامل مع جنسيات مختلفة تضع سلالم رواتب لكل جنسية أو منطقة من العالم، ولم يعترض عليها أحد.
يأتي في السياق نفسه تحديد خط الفقر. يمكِّن التحديد الدولة من وضع خطط الدعم والتأهيل والحماية للأسر الفقيرة بشكل علمي. يسمح القرار كذلك للقطاعات المختلفة أن تراقب مستويات الفقر، وعلاقتها بالتغييرات الديموغرافية. حتى خُطط تأسيس الخدمات والإسكان، وتوزيع المناطق الصناعية واستغلال الثروات الطبيعية يمكن أن تستفيد منه عندما نتعرف على الفئات الممكن توظيفها، بدلا من تركيز كل الصناعات والخدمات في مناطق لا يمكن أن تتوافر فيها موارد بشرية وطنية.
شاهد الجميع الحلقة الثامنة التي تحدثت عن مناطق "تهامة" التي تعاني الفقر الشديد وتردي الخدمات، بل عدم توافر خدمات مهمة جداً. عندما يطالب مجلس الشورى بتحديد خط الفقر، فهو يمارس دوره المهم في نقد السلبيات والعمل على إصلاح الأوضاع، والتعامل مع قضايا قد تتحاشى الوزارات التعامل معها لأسباب كثيرة. بل يساعد الوزارات في تخطيط خدماتها، وصولاً إلى الهدف المهم الأمثل الذي طالما طالب به خادم الحرمين الشريفين، وهو توازن التنمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي