محصلو الديون واستخدام التهديد والتلويح بالسجن
يعاني المتعثرون في سداد القروض الشخصية من أوضاعهم المالية التي أدت إلى تعثرهم في السداد، ولهم أيضا معاناة أخرى مع الوكلاء والمحصلين للديون الذين لا يكف بعضهم عن التلويح بالسجن والمقاضاة وسائر وسائل التهديد التي قد تؤدي إلى مزيد من الضغوط المالية على العملاء، ومن ثم إيجاد مشكلة توقف في سداد القروض الشخصية، التي يتم عملياً ضمانها بتحويل رواتب العملاء من جهات عملهم إلى المصارف المانحة للقروض، علماً بأن لدينا نظام معلومات ائتمانية في غاية الدقة إلا أن نشاط التحصيل لهذه الديون هو الأهم في ظل تراكم الديون على بعض العملاء، وخصوصاً أولئك الذين حصلوا على قروض لاستثمارها في مضاربات غير محسوبة المخاطر، حيث بقيت الالتزامات قائمة بغض النظر عن وضع الأسواق أو توافر السيولة أو القدرة على حل مشكلة المقترض.
وهناك أسباب تتعلق بتدبير الأوضاع المالية الشخصية للعملاء أدت إلى تضاعف حجم الدين وتضخم الالتزامات وتعقد الأمور أكثر بالنسبة للعملاء المدينين، الذين أصبحوا ضمن قائمة العملاء المتعثرين. والمشكلة هنا أن العميل الذي لا يتفادى الدخول في مطالبات قضائية تعرضه لخطر الإفلاس والقدرة على الاستمرار في العمل بسبب وجود أحكام قضائية ملزمة له بالتسديد فإنه لن يسلم من متابعة متواصلة من محصلي الديون، وتشير الأرقام إلى أن معظم العملاء هم في الفئة العمرية بين 20 و40 عاما وهي الفئة الأكثر احتياجا للتمويل الشخصي، وهي الأكثر عرضة للوقوع في شرك الانسياق في وهم تحقيق أرباح بأموال الآخرين وتكبيل أنفسهم بحقوق مالية ترهقهم خلال مدة طويلة من أعمارهم، بل قد تنسحب بآثارها على أبنائهم وتؤثر في تحقيق متطلبات الأسرة.
ويقوم نشاط تحصيل الديون المتعثرة بدور رئيس في معالجة مشكلة العملاء المتعثرين، ولهذا النشاط ممارسون يعملون على استرداد الديون بنسب يتم الاتفاق عليها وتمثل الدخل الذي يعتمد عليه محصل الديون، ولذا فإن تحصيل الدين هدف أساسي، وبه يستطيع المحصل أو الوكيل تحقيق إيراد لتغطية تكاليف معيشته، إلا أن هذا ليس مبرراً لما يفعله بعض الوكلاء ومحصلي الديون من مضايقة للعملاء، فهناك مهلة يجب أن يأخذها العميل لترتيب أوضاعه المالية وهي حق في حالة العسر لأن هذه الديون ليست مجرد قروض، بل هي متاجرة وتكسب من احتياج العملاء للقرض الشخصي، فهي ليست قروضاً بلا فوائد، كما أن السبب في زيادة هذه القروض عدم الوعي المالي بخطورتها على المستهلكين مع تراكم نسب الفوائد، مع أن احتمالية عدم السداد فرضية قائمة لدى المصارف وسائر الدائنين.
لقد حذر مختصون اقتصاديون من ارتفاع القروض الاستهلاكية في السوق المحلية، التي وصلت إلى 321 مليار ريال، مما يدق ناقوس الخطر بتزايد حالات التعثر لدى المواطنين بسبب الإفراط في استهلاك هذه القروض، وأكدوا أن ارتفاع حجم القروض الكبيرة للسلع الاستهلاكية وبطاقات الائتمان يثير القلق في ظل عدم التزام كثير من المستهلكين بالترشيد في عملية الاقتراض، مما وضع كثيراً من هؤلاء المقترضين في مشكلات مادية مع الديون والأقساط المتراكمة، الأمر الذي أسهم في نسف الجهود الرامية إلى رفع درجات الوعي الادخاري والاستثماري.
والمطلوب أن يتم تعزيز مبادئ الادخار وغرس مفاهيمه في المجتمع للحد من ظاهرة انتشار القروض الاستهلاكية، وفي الجانب القانوني فإن صدور نظام التنفيذ يسهل كثيرا على الدائنين لأنه لا حاجة لمقاضاة المدين بدين مضمون بسند تنفيذي، وفي هذا ما يؤكد خطورة القروض الشخصية، وما يتم توقيعه من مستندات هي في الواقع سندات تنفيذ لها قوة قانونية مباشرة، مما يؤكد أهمية الوعي بخطورة القروض الشخصية مالياً وقانونياً.