الاتحاديون .. والنصر .. والتاريخ

لو قلت لأي محايدين متابعين من الأحق ببطولة الدوري السعودي هذا الموسم؟ ربما كانت غالبية إجاباتهم تذهب لصالح النصر، الفريق الأكثر ثباتا وفوزا والأجمل عروضا والأقل خسارة، والأكثر حصدا للنقاط على بعد ثلاث محطات من الختام. لكن هذا لن يقدم البطولة للأصفر ما لم يفز الفريق العاصمي في مباراته غدا أمام الاتحاد، تماما كما قال بيب جوارديولا حين حطت رحاله في اليابان للعب مونديال الأندية بصحبة فريقه الرائع آنذاك برشلونة، سُئل: هل تعتقد فعلا أن البرسا هو أفضل فريق في العالم الآن كما يقول الكثيرون؟ أجاب: "لطالما شعرنا أننا الأفضل، لكن هذا لن يكون حقيقة ما لم نحصل على لقب هذه البطولة".
في الأصفر الحالي الذي أشبهه كثيرا بنصر جويل سانتانا، تشكلت أضلاع البطولة، انضباطية عالية في الميدان، تكتيك ونظام لا يكسر، بدلاء يحدثون الفارق، نتائج ممتازة منذ نهاية الموسم الماضي، رغبة جامحة في الفوز، حضور إداري لافت وداعم، وجمهور خلاق كان حديث الأوساط، ولكل نصراوي أو متابع أن يسأل نفسه: إذاً ماذا بقي؟ الإجابة البديهية: بقي أربع نقاط فقط، تنقص بحسب نتائج منافسه الهلال، أو تستقر. أما الإجابة العميقة فهي: بقي الأهم، بقي ختام وتتويج يليق بما مضى من عمل رائع.
على الجهة الأخرى، ماذا يريد الاتحاد من هذه المواجهة؟ العميد الجداوي الذي لا يحب الحضور على الهامش دائما ويختار مقعد الصدارة غالبا، تتقاسمه رغبات شتى، ولنكن أكثر صراحة. هناك اتحاديون يضغطون على قلوبهم ويقولون: نريد الفوز من أجل سمعة الاتحاد ولا يعنينا ماذا يحدث بعد ذلك. وهناك اتحاديون يقولون بكل مباشرة: لن يقدم الفوز لنا شيئا ومن الأفضل أن يفوز النصر بالدوري وألا نساعد الهلال على خطفه. وفي ذلك ربط بمنافستهم اللدودة للأزرق طوال العقد الأخير. وهناك اتحاديون آخرون يعتبرون أن موسمهم انتهى، وأن ما بقي هو تحصيل حاصل ولتهب الرياح كما شاءت. وأمام كل هذا، أعتقد أن مارد آسيا يحتاج إلى إعداد نفسي خاص إذا أراد الفوز وقلب الموسم رأسا على عقب.
الأصفر العاصمي أمام أهم مباراة محلية في تاريخه منذ نهائي 1995، الذي غابت بعده ألقاب الدوري عن خزائنه، ومتى ما عرف لاعبوه الحاليون أنهم أمام حقبة تاريخية سقط دونها جيلان من أجياله المتعاقبة دون الظفر بها، فإنهم على الطريق الصحيح إليه.
.. الأسطورة الكونية دييجو مارادونا، اقترب منه صحافي كوبي وهو يعالج من الأدمان في ضيافة الرئيس فيدل كاسترو وقال له ببرود: دييجو ما الذي تغير في مارادونا بعد مكسيكو 1986؟ أجاب المجنون المبدع: هناك كتبت التاريخ بقدمي لتقرأه، ولو لم أفعل لما رأيتني هنا في ضيافة سيدك.
قلت للعصامي خالد القروني مدرب الاتحاد: ماذا تريد من مباراتك أمام النصر؟ قال: التاريخ. أما فتى مونتيفيديو المثير دانيال كارينيو فأجاب على السؤال ذاته قائلا: أريد أن أكون جزءا من ذاكرة النصراويين والسعوديين على مر التاريخ قبل أن أرحل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي