معايير الابتعاث

يتوجه أبناؤنا وبناتنا إلى كثير من دول العالم للدراسة. بلغ عدد المبتعثين حسب آخر إحصائية 150 ألفا. فرصة يتمناها كل مواطني العالم، وتوفرها دولتنا لكل من أرادها ما دام حصل على قبول في الجامعة.
تتحول البيوت إلى "دور مناحة"، حتى الخادمات يشتركن في نوبات البكاء غير المبررة. ينظر الجميع للحال بألم الفراق، ومشاعر الآباء والأمهات، بل إن أشهر الأغاني التي تتكرر في البيوت هي من أمثال "أنته بعيد هناك وأنا المشتقي"، و"فمان الله يا مسافر"، فلا يستغربن أحدٌ ارتفاع عدد مشاهداتها في "اليوتيوب"، أرى أن الأولى بالأسر الاحتفال بهذه الفرص التاريخية التي وفرها برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث.
يدور النقاش في مثل هذه المناسبات حول معايير الابتعاث التي تعتمدها الدولة بمختلف قطاعاتها. يبدو أن المعيار الأهم بالنسبة للمبتعثين لدراسة البكالوريوس هو "عدم القبول في جامعة سعودية".
يتقدم الطالب للجامعات السعودية التي تحاول كل منها أن تحتفظ باستقلالية "مناطقية"، وكأنها لا تعمل في دولة واحدة. وبدل أن يتقدم الطالب على كل مرافق التعليم العالي، يضطر للتقديم على كل جامعة أو مجموعة جامعات على حدة. تختار الجامعات من تريد، يبقى عدد كبير وصل العام الماضي إلى 75 ألف خريج ــ حسب إحصائية وزارة التعليم العالي ــ ليلتحقوا بالبعثات الخارجية.
درستُ الجامعة في بعثة مشابهة وفترة سميت بالطفرة الأولى، لكن تلك البعثة خلت من منغصات أوجدها تعقيد عمليات التسجيل والتأشيرات، والبحث المستمر على الإنترنت، وكثرة "عشاق النصيحة".
قبل أكثر من 30 سنة، كان يتم اختيار المتفوقين للدراسة في الخارج. انقلبت الآية اليوم ليلتحق بالدراسة في الخارج من لا يتم قبولهم في الجامعات السعودية مع بعض الاستثناءات، وهو توجه غير صحي.
يجب أن نعرض البعثات على أفضل خريجي الثانوية العامة، ثم يحول البقية للجامعات المحلية من خلال برنامج حاسوبي ضخم يدير عملية انتقال الطلبة من المرحلة الثانوية للجامعات.
بالأمس لم يتجاوز خريجو إحدى الجامعات الأجنبية المستوى الثاني في اختبار اللغة الإنجليزية، رغم أن لغة دولتها الرسمية هي الإنجليزية، وقد تكون نتيجتهم أسوأ في التخصص، وهي نتيجة متوقعة للسياسة الحالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي