منتدى جدة .. المطلوب توصيات جادة مفيدة للتنمية والوطن

برعاية أمير منطقة مكة المكرمة، يصل قطار منتدى جدة الاقتصادي إلى محطته 14 وفي موعده المقرر اليوم، يأتي المنتدى هذه المرة شابا ويحمل رايات الشباب بعنوانه المثير جدا وهو "الإنماء من خلال الشباب"، فالمفاهيم التي تضمنها العنوان مليئة بكثير من القضايا الاقتصادية المهمة، فالتنمية كقضية محورية للوجود الاقتصادي كله يستخدمها المنتدى في معناها الديناميكي وهو الإنماء، فالتنمية وإن كانت هدفا بذاتها إلا أن قضية الأمم اليوم ليست الوصول إلى مستوى مستهدف من التنمية، بل مواصلة العملية التنموية، أي استدامتها كمصطلح عملي، حتى تنعم الأجيال ببيئة خلاقة وبيئة داعمة للحياة الإنسانية الكريمة، وهذا تحد ضخم لن تنهض به أمة إلا إذا كان الشباب عمادها، ولهذا جاء المفهوم الثاني في العنوان أشد ثقلا من أوله وهو يضع الشباب أساسا للتنمية المستدامة، وهو السؤال الصعب الذي يحاول قطار المنتدى أن يأخذنا إليه مع نهاية أيام أعماله الثلاثة.
موضوع الشباب كأساس للتنمية المستدامة يتجاوز قضايا البطالة، إلى موضوعات أشد تعقيدا كرعاية المواهب، واقتصاد المعرفة، ونقل التكنولوجيا، والتعليم بشكل عام. وكما أشار المنظم الاستراتيجي للمنتدى فإن موضوع التنمية والشباب سيتم طرحه في منتدى جدة الاقتصادي، ليس كقضية اجتماعية، بل كقضية اقتصادية، أي من خلال مناقشة مستفيضة لجانبي العرض والطلب وكيف نصل إلى نقطة التوازن بينهما، فاليوم الأول سيكون لجانب الطلب، وهنا الحديث عن مؤسسات اقتصادية تهيئ فرصا حقيقية للشباب نحو المشاركة بفاعلية في بناء مستقبلهم. وبلا شك فإن أهم قضية هنا ليست في إيجاد مؤسسات اقتصادية تعنى بالشباب، بل تمكين الشباب أنفسهم من إيجاد تلك المؤسسات ومن استنباط فرصهم بدعم روّاد الأعمال الشباب، وإنشاء الروابط بين المستثمرين الصغار وقطاعات الاقتصاد المختلفة.
في جانب العرض سيكون الموضوع أشد تعقيدا وصعوبة، فصناعة شباب يقود الأمم نحو تنمية مستدامة قضية متداخلة ويشارك فيها قطاعات كثيرة، والتوصيات هنا ستكون شائكة بلا شك، من المتوقع أن ينال بناء المهارات الأساسية لدى الشباب، نقاشات واسعة سواء من خلال الرؤى والأفكار التي سيقدمها المتحدثون أو من خلال نقاشات الحضور الملهمة بين أروقة المنتدى، وإذا طال الحديث قضايا تطوير المهارات فلا بد من مناقشة قضية مرتبطة وهي الاستثمار في هذا المجال، ونحن بانتظار توصيات خاصة ومبادرات خلاقة في هذا الجانب.
هناك عديد من القضايا الضخمة التي يجب مناقشها في موضوع التنمية المستدامة ودور الشباب، ولعل من أبرزها وأكثرها أهمية على الساحة الاقتصادية السعودية، موضوع إصلاح بيئة العمل، فالمبادرات هنا لم تزل متواضعة وأقل من أن تكون أساسا لبناء تنمية مستدامة يقودها الشباب. ما زالت قضايا الأمان الوظيفي، والحد الأدنى للرواتب، والتأمين ضد التعطل عن العمل موضوعات جديدة على الساحة الاقتصادية السعودية. المنتدى بتاريخه وبعنوانه وموضوعاته يقدم فرصة حقيقية للطرح والتشاور لرفع توصيات جادة بهذا الشأن يجب تفعيلها والعمل بها ، لا أن يكون هذا المنتدى وأمثاله مجرد جلسات يصدر عنها توصيات تحفظ في الأدراج.
نقل التجارب العالمية ودراستها مدخل مناسب للحديث، وهنا سيكون الدور الأبرز للمتحدثين العالميين الذين نحن بانتظار طرح تجاربهم خلال فعاليات المنتدى. وفوق كل هذا فإن المنتدى يقدم للشباب فرصة سانحة لبناء علاقات وروابط جيدة مع كبار رجال الأعمال من مختلف أرجاء المعمورة، وهذه فرصة جيدة يجب استثمارها، نأمل من المنتدى أن يتيح فرصة لرواد الأعمال الصغار للقاء كبار رجال الأعمال صناع الاقتصاد من خلال منصة خاصة لهذا الغرض.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي