أزمة «جشع».. لا سكن

يعاني القطاع العقاري في السعودية ندرة "الخبير" المحايد الذي يمكنه طرح وجهة نظره بعيدا عن تغليب المصلحة الخاصة على العامة، فجُل الخبراء الذين يلجأ لهم الإعلام المتخصص في "العقار" يغنون في الغالب على ليلاهم، وكثير منهم وهو يطرح رأيه يسعى لـ "جمع الجمر حول قرصه"، فبالتالي لا يمكن أن يبني المتلقي مشاريعه المستقبلية على أطروحاتهم، وإن بنى مشروعه على ما يطرح كانت "الخيبة" حليفه.
الترويج للأزمة الإسكانية من خلال وجهة نظري ما هي إلا وسيلة لرفع أسعار "التملك" والإيجارات، والتخويف والترويع من تفاقم الأزمة الإسكانية ما هما إلا محاولة للدفع صوب الشراء بالأسعار التي يرغب فيها المستثمر وهي في الغالب مبالغ فيها، وتتجاوز أحيانا 50 في المائة متفوقة على المعدل العالمي بنحو الضعف.
هناك من يروج لفجوة واسعة بين الطلب والعرض في القطاع الإسكاني، طبعا الفجوة لجانب الطلب وأحاديث عن تناميه بشكل كبير خلال السنوات الماضية، ولتأكيده يتم العزف على معدلات سن الشباب من سكان السعودية والمحتاجين للسكن، وهنا ضحك على الذقون، فلا يعني الاحتياج لتملك السكن طلبه.
ما أعنيه هو الخلط بين الطلب والاحتياج، فالجميع في حاجة لتملك المسكن، ولكن لا يعني ذلك البحث عنه بغيه الشراء، ولا يعني ذلك أن كل من يحتاج إلى المسكن يستطيع دفع ثمنه، فغالبية المحتاجين للسكن عازفين عن الشراء لسببين؛ الأول عدم القدرة المالية على التملك، والثاني عدم القناعة بأسعار المساكن المعروضة للبيع، فغالبيتها مبالغ فيها للغاية.
الأزمة ليست إسكانية بل هي أزمة "جشع" العقاريين إلا من رحم الله، وهذا "الجشع" لم يجد له رقيبا يروضه أو يحاسبه، فـ "الطاسة ضايعة" و"الدرعى" ترعى، ولا تعلم ما الجهة التي يمكن أن تراقب ارتفاع أسعار المساكن وتقول للجشعين توقفوا.
الدراسات حول الطلب على المساكن غير دقيقة ولا يمكن الاعتماد عليها، وربما الفرج يخرج غبر بوابة "إسكان"، التي افتتحتها وزارة الإسكان الجمعة قبل الماضي، فمن خلالها يمكن معرفة الأرقام الفعلية لمستحقي الدعم السكني، بعد الفرز والتحقق من صحة معلومات المتقدمين على المساكن.
أسعار المساكن ستهبط لا محالة، و"جشع" العقاريين سيلجم متى ما صدق وزير الإسكان في وعوده التي أطلقها مطلع الأسبوع الحالي، عندما قال: جميع المواطنين الذين سيتقدمون بطلب سكن على البوابة الإلكترونية، واستوفوا شروط اللائحة التي أعلنتها الوزارة؛ سيحصلون على المسكن خلال سبعة أشهر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي