التفوق .. والقفزة الأخيرة

ظل العالم العربي يعيش على "اللاءات الثلاث" صباحاً ومساءً حتى فقد كل شيء، وحينما أصبحت "لاؤه نعم" طلب منه تقديم التنازلات إثر التنازلات حتى لم يعد للجرح من إيلام!
ونحن في هذه البلاد لم نشغل أنفسنا بالشعارات. ففي فترة تأسيس هذا الكيان انشغل الأجداد والآباء بمعركة التوحيد ثم شغلتهم أمور الحياة أيام شظف العيش وشح الموارد.
وفتح الله لهذه الأمة خزائن الأرض فانشغلنا بالتعلم والبناء ولم تجرفنا الشعارات والحروب الباردة وحسد الحاسدين ونفاق المنافقين الذين لم نكن نسمع منهم حتى كلمة مواساة أيام الفقر والمعاناة بأنواعها.
والآن وقد اكتملت البنية الأساسية ولا أعني بها أكوام الأسمنت والأسفلت، وإنما هذه الأجيال المتدافعة لطلب العلم حتى ضاقت المعاهد والكليات والجامعات، وطارت البعثات غرباً وشرقاً: ما هي استراتيجية المستقبل حتى لا يضيع شبابنا في دروب الحياة الجديدة دون التسلح بأدوات مهمة أستطيع أن أطلق عليها "التاءات الثلاث" مرتبة حسب أهميتها "تعلم ــــ تفوق ــــ توعية".
فالتعلم .. لا أعني به المنهجي فقط وإنما المعرفة بجميع أنواعها. ففي عالم الغد لن تكون هناك دولة فقيرة أو شخص معدم، وإنما دولة متخلفة وشخص جاهل. ويدخل تحت هذه التاء تعلم التقنية الحديثة والتعامل معها، والتدريب في مختلف المجالات والميادين. فلتكن حياتنا تعلما مستمرا وبحثا عن المعلومة بشتى الوسائل أينما كانت ومهما كان الثمن.
أما التفوق فإنه شعار هذا العصر ولا مكان فيه لأنصاف المتعلمين أو أرباع المهنيين. فالطالب الذي يحصل على تقدير مقبول ليس له مكان في الجامعات وفي الوظائف والمجتمع والحياة العصرية أيضاً.
والمهني أو الموظف الذي يؤدي عمله بمستوى دون المتوسط سيجد نفسه في الشارع بلا عمل ولن تشفع له الهوية أو النسب والحسب.
وتأتي التاء الثالثة بعد ذلك وهي خاصة بالتوعية التي يجب أن تكون شعارنا في المرحلة الحالية.. فكل شيء في حياتنا يحتاج إلى توعية.. كيف نستخدم الطريق، كيف نقود السيارة ونتيح الفرصة للمشاة للعبور بعد أن تتكرم وزارة النقل أو البلديات بتخطيط أماكن لعبورهم كما هي الحال في جميع دول العالم.. وكيف نقلل من الحوادث المرورية التي تحصد الآلاف من الأرواح سنوياً؟.. كيف نحافظ على المرافق التي شيدت وكيف نهتم بالنظافة والبيئة؟. كيف نرشد استهلاك المياه والكهرباء والهاتف.. وكيف ننمي الوعي الادخاري والبعد عن الإسراف والتبذير؟.. كيف نمارس الرياضة في حياتنا اليومية؟.. أمور كثيرة أهملناها فترة طويلة وأضعنا الوقت في استرخاء لا لزوم له حتى ترهلت عقولنا وأجسامنا. إنها دعوة للحركة والنشاط واستغلال كل دقيقة بل وثانية من الوقت وكما قيل لكي تعرف قيمة الثانية أو نصفها اسأل العداء الذي أحرز الميدالية الفضية وكان بإمكانه أن يحرز الذهبية لو قفز قفزة واحدة إلى الأمام!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي