المعرض ثقافة وتربية

الحدث الثقافي الثاني الأكبر بعد الجنادرية، وبلا شك هو معرض الكتاب وهو احتفالية واسعة يحضرها ناشرون محليون وعرب وأجانب بحرص شديد، وتفوق مبيعاته أي معرض في المنطقة، وحضوره بالملايين.
كل هذا لا يعني شيئا بالقياس لحجم أثر المعرض في الفكر السعودي ومدى التغيير الذي يلاحظ عاما بعد عام، وأقصد هنا التغيير في أشكال القراءة والفكر المقروء والتأليف. التأليف سابقا كان فيه الكثير من الاستسهال، والقراءة سابقا أيضا لم تكن بهذا المسوى من الانتقائية، أما مؤشر الوعي فيأتي من رواد جدد لم يسبق لهم أن اشتروا أو اقتنوا كتبا، بل انحسار خوف الفئات التقليدية من محسبين وغيرهم بعد أن وعوا فكرة المعرض.
المهم في احتفالية معرض الكتاب هو حضور العائلة لتتشارك الرأي، وهو أمر تربوي يعزز ترابط الأسرة ويعلم الطفل أهمية الكتاب والاحتفاء به، بل لا أبالغ إذا قلت إن أسرا تعرفت بالكتاب غير المدرسي من خلال المعرض بتقليد غيرها في معرض الكتاب، وزياته صارت شاغلا لكثير من الأسر، وهناك أسر كاملة تستشير ماذا تشتري ومن أي دار نشر، كل هذا وعي لم يكن ليتاح لولا مناسبة معرض الكتاب.
وكون المعرض الآن بكتبه ومحاضريه من المناسبات الكبرى فهو فرصة لأسر خارج الرياض لتأتي في رحلات ترويحية من قراها الصغيرة لشراء الكتب والسياحة، ولا ننسى أن مدنا أخرى تتلازم مع وقت المعرض بمناسبات ثقافية وورش عمل، فالمعرض يقام في الرياض وله أذرع طويلة في المدن الكبرى.
كون المعرض يحوي بعض النشاط المنبري ليجعلنا نرفع المطالب أن تقام على جانبه حفلات مسرح وسينما وموسيقى لتكتمل الثقافة وتعبر عن نفسها، خصوصا أن ثقافة الرؤية والبصريات هي واجهة ثقافة العالم اليوم. يسند كل ذلك ببيع الفيديوهات والموسيقى للفنانين المشاركين وغيرهم.
معرض الكتاب رائع ويكون أروع باكتمال العناصر الثقافية المقروءة مع المسموعة والمرئية فقد يكون بعض أفراد المجتمع الشاب يحتاج إلى وقفة ثقافية جادة من المسرح والسينما وحقل الغناء.
أخيرا معرض الكتاب صار وعدا سنويا نشكر القائمين عليه ونجاحه ليس محل شك بين الناس، خصوصا، في الآونة الأخيرة عندما استفاد من تجارب انعقاده الماضي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي