أعذر من أنذر

تتميز حكومة المملكة بمراعاة فائقة لأبنائها. تجدها تبحث عن الأعذار، وتُعينُ الأشخاص ليعودوا إلى الجادة. يستغرب كثيرون هذه الروح الحانية، والتعامل المراعي لأشخاص يتجاوزون ويخالفون ويجاهرون بذلك حتى على منابر الدولة.
حماية حقوق الناس أولوية، أما الدولة فهي الأم الحانية. لذلك تجد أن أسرع ما ينتهي من القضايا هو الجزئية التي تتعلق بالحق العام.
أذكر مرة أن أحد الشعراء قال في قصيدة له قولاً غير مقبول، وبالغ في ذلك. استدعى ولي العهد الشاعر، وأنَّبه مستغرباً قوله، خصوصاً أن الدولة لها أفضال ذكَّره بها. يقول الرجل توقعت أن يكون مصيري مثل مصير ذلك الشاعر الذي يقضي حكماً بالسجن 15 عاماً بسبب قصيدة في دولة مجاورة. لكن الأمير دعاهُ للعشاء عوضاً عن ذلك.
أدت هذه الروح إلى تجاوز الكثيرين، محاولين تشويه صورة الدولة. بل إن البعض استغلوا كل فرصة للإساءة للدولة وتأليب المواطنين على ولاة أمرهم، والتشكيك في العلماء الربانيين. جاءوا بمسميات وألقاب وتصنيفات لم نعرفها.
وقف أناس منهم موقف العداء للدولة في كل قرار. نشر فئام مفاهيم أحزاب فاسدة ودول تعادي المملكة ليس لعيب فيها، وإنما لأنها المملكة ذات الحظوة الربانية بخدمة الحرمين وتطبيق الشريعة على أصولها في كل الأمور.
أثَّر كثيرون في مواطنين بسطاء لأن أصواتهم عالية وخطبهم بليغة، ولأن الدولة كانت تحنو عليهم وتحاول أن تصلح مفاهيمهم وتعيدهم للجادة بالحكمة، لكن ذلك لم ينتج سوى مزيد من الصلف والتهديد والوعيد والاستغلال الفاسد لكل الفرص والمناسبات لتهديد أمن الدولة والمواطن.
وصل الأمر درجة لا يمكن السكوت عنها، خصوصاً بعد أن ثبت خطر هؤلاء على أمن الدولة، وولاؤهم لأحزاب ودول تجاهر بالعداء وتخطط لحرب قادمة. أصبح هؤلاء أبواقاً تنشر توجهات نهايتها تفريق الأمة ونقل ما نراه اليوم في دول مجاورة من القتل والتهجير، بل لا مانع لديهم من حرب أهلية تأكل الأخضر قبل اليابس.
سقطت الأقنعة، فلا بد من استرجاع القاصية ولو بالقوة بعد أن عميت البصيرة، ولا بد من تقييد مؤسسي الفتنة لأن النار ستحرق الجميع دون تمييز. صدر الأمر الكريم ليستنقذ الوطن ويكشف العملاء، وانتهت المهلة، فأعذر من أنذر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي