هل مشروعاتنا الصناعية تخدم التنمية المستدامة؟

تحدث الصديق العزيز الدكتور حامد الشراري عضو مجلس الشورى في أحد اللقاءات مع بعض الزملاء الأعزاء الذين لا يتسع المجال لذكر أسمائهم عن مستقبل شمال المملكة من الناحية التنموية في ضوء العقود التي وقعتها الحكومة مع شركات محلية وأجنبية لتعدين الفوسفات وتصنيعه، مشيداً بمشروع الملك عبد الله لتطوير مدينة "وعد الشمال" للصناعات التعدينية من أجل خدمة سكان منطقة الحدود الشمالية الذي يُعد إضافة نوعية لتحقيق مزيد من التنمية والرخاء لهذا الجزء الغالي ودعما للتنمية في بلادنا، إذ سيوفر المشروع الصناعي الاستثماري الأول الذي تطوره شركة معادن وشركاؤها نحو 1500 وظيفة مباشرة و2300 وظيفة غير مباشرة.
وبعد طرح هذه المعلومات المفيدة حول المشروع برزت من خلال الحوار وجهتا نظر من قبل الحضور، الأولى تقول إن تنمية التعدين ستعزز الصناعة في المملكة وتنوع مصادر الدخل الوطني، إذ ستساعد فوائض النفط الحالية على إنشاء البنية الضرورية للصناعة وإنشاء مصانع متقدمة بمليارات الريالات، ربما يستحيل تمويلها تحت ظروف أخرى في المستقبل. وفي المقابل، طرحت وجهة نظر أخرى تقول إن تعدين مواردنا غير النفطية دون توطين الصناعة من حيث تنمية ثقافة الصناعة وتنمية القوى البشرية التي يمكن الاعتماد عليها، ودون إنشاء صندوق لاستثمار عوائد التعدين وفوائض النفط لخدمة الأجيال القادمة، قد لا تكون الخيار الأمثل، خاصة مع وجود فوائض البترول في الوقت الحاضر، ولكون الموارد ليست حكراً على هذا الجيل، بل تشترك فيها الأجيال القادمة.
ولتحقيق هذه الطموحات يتطرق النقاش إلى الحاجة الماسة إلى تطوير التعليم الفني التقني، خاصة مع فشل المؤسسة العامة للتعليم الفني في تحقيق احتياجات التنمية في بلادنا، كما أن هناك ضرورة لإنشاء جامعة متخصصة أو توجيه جامعة الحدود الشمالية لإنشاء كليات للتعدين تُسهم في إعداد الكفاءات الوطنية اللازمة لمتطلبات هذه المشروعات التنموية من جهة، وتنويع اختصاصات الجامعات واهتماماتها العلمية من جهة أخرى. فلا ينبغي أن تكون الجامعات الناشئة نسخة من الجامعات القديمة، بل من المناسب أن تركز كل جامعة - إلى جانب التخصصات الأساسية (العلوم ونحوها) - على تخصصات محددة تخدم الأولويات الوطنية وتتناسب مع طبيعة المنطقة التي تقع فيها لتعظيم فائدتها للمنطقة وزيادة إسهامها في التنمية الوطنية، وذلك بناء على دراسة معمقة تشترك فيها وزارات: الاقتصاد والتخطيط، والعمل، والتعليم العالي، والبترول والمعادن، والهيئة العليا للسياحة.
ختاماً إذا لم تسع الجهات المسؤولة إلى توطين الصناعة وإرساء دعائمها بالاعتماد على أبناء الوطن، فإن الصناعة ستبقى مصدر دخل جيدا لمجموعة محدودة من الصناعيين فقط، وزيادة تلوث لبيئتنا الهشة، واستنزافا لمصادر مياهنا الشحيحة، وستكون مصانعنا "ورش عمل" لتدريب العمالة الوافدة وتهيئتها للعمل في مصانع الدول المتقدمة بأجور أفضل! وأخيراً أكرر التنبيه لفكرة إنشاء "صندوق الأجيال القادمة" التي طرحتها (وغيري) منذ سنوات طويلة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي