عمليات غسل الأموال في 22 مؤشراً

من أجل ضمان تطبيق سليم لنظام مكافحة عمليات غسل الأموال بادرت هيئة السوق المالية السعودية إلى تحديد 22 مؤشراً يُمكن من خلالها التعرُّف على عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ وهذه المؤشرات كفيلة بتمكين الأشخاص المُصرّح لهم من كشف العمليات المشبوّهة التي يُحاسب عليها قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ ولأن من الصعوبة إثبات جريمة غسل الأموال، فإن تحديد المؤشرات عليها عامل مساعد لموظفي جهات الضبط الجنائي حتى لا يُتهم بريء أو يتغاضى عن متهم توافرت ضدّه الدلائل الكافية للتحقيق معه ومواجهته بالتهمة.
إن من أبرز هذه المؤشرات رفض العميل تقديم بيانات عنه وتوضيح مصدر أمواله وأصوله الأخرى، ورغبته في المشاركة بصفقات غير واضحة لا تنسجم مع خطة الاستثمار المعلنة، وإبداء العميل عدم الاهتمام بالمخاطر أو العمولات أو أي مصروفات أخرى، واحتفاظه بحسابات عدة باسم واحد أو بأسماء عدة، وتعدُّد التحويل بين الحسابات أو لطرف آخر دون مسوغ، وكذلك قيامه بتحويلات برقية متعدّدة لحسابه الاستثماري يتبعه طلب لتحويل المبلغ إلى طرف ثالث، أو قيام العميل باستثمار طويل الأجل تتبعه بعد مدة وجيزة تصفية الوضع الاستثماري وتحويل العائد من الحساب.
لقد كانت هناك زيادة ملحوظة في عمليات غسل الأموال في عامي 2011 و2012، بل إن مكتب مكافحة غسل الأموال الفيدرالي السويسري أعلن أن عمليات غسل الأموال زادت في هذه الفترة بما يقارب 40 في المائة مقارنة بالأعوام السابقة، وبلغ حد وصف تلك العمليات المشبوهة بأنها تهريب واسع لم يسبق له مثيل، رابطاً بين هذه العمليات المشبوهة وبين دول الربيع العربي، ويتزامن مع هذا التصريح الخطير ما سبق أن كشفت عنه السلطات الحكومية في الولايات المتحدة مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي، عن وجود عمليات غسل أموال متورّط فيها مصرف تجاري عالمي له فروع في دول المنطقة، حيث قام بعمليات مشبوهة لمصلحة شركات ومؤسسات في إيران لتخفيف الحصار الاقتصادي عنها.
إن وحدة البحث والتحريات في وزارة الداخلية هي المعنية في السعودية باستقبال بلاغات الاشتباه في قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإن القطاعات المالية وغيرها من القطاعات تقوم بدور مهم في ترصد مثل تلك القضايا، لذا فإن مَن يقوم بعملية غسل الأموال يعلم جيداً مدى المصاعب التي قد يواجهها من جرّاء قيامه بذلك، بالنظر إلى حجم العقوبة المغلظة التي قد تطوله في حال ثبوت إدانته في مثل تلك القضايا، فالعقوبات في المملكة تعد الأعلى مقارنة بدول كثيرة عرف عنها التساهل في توقيع العقوبات في مجال الجرائم المالية، إضافة إلى سهولة الكشف عن تلك العمليات وسرعة التعامل مع وقائعها وجمع الأدلة فيها.
إن نجاح القطاعات المالية في مكافحة عمليات غسل الأموال جزءٌ من مكافحة الفساد، وهو مطلب وطني، بل مطلب شرعي، فقد أصبحت مكافحة الفساد قضية شأن عام تهم المسؤول والمواطن أيضاً، فالفساد كما هو في القطاعات الحكومية لا يخلو منه القطاع الخاص بمختلف أنشطته المالية والتجارية، فالفساد هدفه الأخير هو جني المال والاستفادة منه، وقد يتطلب الأمر غسل تلك الأموال القذرة وإزالة الشبهات عنها، وهي خدمة يمكن تقديمها حتى لأولئك الذين حصلوا على أموال غير مشروعة من خلال مواقعهم الوظيفية، لذا فإن من واجب المصارف ملاحقة الأموال المشبوهة التي قد تصل إلى الموظفين العموميين في الأجهزة الحكومية وغيرها من المناصب في القطاع الخاص.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي