تنظيم سوق العمل وعمالة المنازل

سيتم توقيع الاتفاقية الرابعة مع الدول المصدّرة للعمالة المنزلية إلى المملكة، بعد مفاوضات طويلة تعثرت أكثر من مرة، وخصوصاً مع الجانب الإندونيسي الذي تمّ التوصل معه إلى مشروع اتفاقية ذات بنود تحفظ حقوق جميع الأطراف وتلبي احتياجاتهم الأساسية، وبذلك يكون هناك أربع اتفاقيات ثنائية مع كل من إندونيسيا، الفلبين، الهند، وسريلانكا، ومن المتوقع أن تغطي ما يقارب 70 في المائة من احتياجات المملكة من العمالة المنزلية، ومن المؤكد أن من أهم العوامل التي ساعدت على تقريب وجهات النظر دخول معاهدة الخدمة المنزلية لعام 2011 حيز التنفيذ مع بداية أيلول (سبتمبر) 2013، وهي الاتفاقية التي توسّع نطاق الحقوق الأساسية لعمال المنازل في جميع أنحاء العالم، المُبرمة في إطار منظمة العمل الدولية.
لقد كان تحديد ساعات عمل العمالة المنزلية، وتأمين العلاج والدواء وعدم تشغيلهم في غير ما تم التعاقد معهم لأجله، ودفع حقوقهم المالية دون تأخير من أسباب تزايد قضايا العاملين في المنازل، وتحوّلها إلى ملف معقد وشائك يوشك على الحل بعد جهود مضنية لمعالجة الأسباب الحقيقية لتزايد هذه القضايا، التي أصبحت من الأعباء اليومية لإدارة حماية العمالة المنزلية في وزارة العمل، وأدى ذلك إلى إيقاف إصدار التأشيرات لبعض الدول؛ ما أثر كثيراً في أوضاع سوق العمل السعودية، وهو ما سيتم تلافيه، خصوصاً أن قضايا العمالة المنزلية ليست بالتعقيد الذي يتطلب عرضها على القضاء، فهي تحتاج إلى السرعة لما يترتب على تأخير الفصل فيها من ضرر على أطرافها.
إن تنظيم العمل من الركائز الأساسية التي تؤدي إلى حفظ الحقوق، ويكون ذلك فقط من خلال سن قانون أو لائحة تؤمن الحماية لكل الأطراف، خصوصاً العمالة المنزلية التي تعاني قصوراً في تنظيم حقوقها وواجباتها، ولأن ضمان وحفظ حقوق صاحب العمل والعامل لا يفرق بين الوافدين بمن فيهم عمالة الخدمة المنزلية وغيرهم، فإنه بالنظر إلى تعدُّد مشكلات وقضايا حقوق العمالة المنزلية التي ينقصها سن نظام لحماية ما يقارب مليون عامل خدمة منزلية، بات من الضروريات التي تتطلب التدخل التشريعي الملائم.
لقد أصدر مجلس الوزراء قراراً باعتماد لائحة عُمَّال الخدمة المنزلية ومَن في حكمهم، لتنظيم العلاقة بين صاحب العمل والعامل في مجال الخدمة المنزلية، وهي اللائحة التي تتناول حقوق والتزامات طرفَي العلاقة بما يحقق المصلحة العامة ويضمن حقوقهما، حيث سبق لهيئة حقوق الإنسان أن أوصت بذلك ضمن تقرير لها تناول وضع حقوق الإنسان في المملكة وكيف يمكن تعزيزه بما يتفق مع الشريعة الإسلامية وأنظمة الدولة والأوضاع العالمية، خصوصاً فيما يتعلق بتنظيم شؤون العمالة الوافدة وتسوية أوضاعها في جميع المجالات، ومنها: العمل، الصحة، والتعليم، مع التركيز على النظر في تأخُّر القضايا العمالية والإسراع في حسمها قضائياً، والانتقال إلى تنظيم الدوائر العمالية في المحاكم لتشمل جميع المناطق، بما يتفق مع نظام العمل والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة.
لقد بادرت وزارة العمل قبل فترة يسيرة إلى التحذير من ظاهرة في سوق العمل، تتمثل في تأجير خدمات العمالة المنزلية عن طريق الإعلان في بعض الصحف ووسائل الإعلام، وتداول أرقام وأسماء لأشخاص ومؤسسات يسوّقون لنشاطهم الذي يعد مخالفة قانونية واضحة في أكثر من جانب. هذه المؤسسات أو الأفراد غير مرخص لهم بممارسة هذا النشاط من قِبل وزارة العمل، كما أن بعض تلك العمالة التي يتم تأجير خدماتها تعد متغيبة عن العمل لدى كفلائها أو متخلفة في البلد وتقيم بصفة غير نظامية، أو أنها هاربة ويتم البحث عنها لترحيلها، لهذا راعت اللائحة خصوصية العمل الذي يؤديه العامل وخصوصية العلاقة التي تربطه بصاحب العمل وأسرته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي