محاصرة «أزمة» تفقيس البيض

لا شك أن تفقيس 79 من 1716 بيضة (حباري) أمر يستحق عقد اجتماع طارئ لمجلس الشورى السعودي، ومناقشة المصاب الجلل وبحث كل السبل والوسائل التي يمكن من خلالها تجاوز "الأزمة"، التي لا أرى شبيها لها إلا أزمة الرهون العقارية التي هوت بأسواق العالم أجمع في 2008.
يحسب لمجلس الشورى السعودي تصديه وحيدا للأزمة الطارئة وعدم الاستعانة بمنظمات الإغاثة التابعة لهيئة الأمم المتحدة، فلو كانت ندرة "التفقيس" حدثت في دولة أخرى لوضعت السلطات "محميات" الحباري تحت مظلة المناطق المنكوبة، وناشدت مجلس الأمن التدخل وفق البند السابع من الميثاق الأممي للمساعدة في تفقيس البيض المتبقي.
لجنة الشؤون الصحية والبيئة في المجلس حاولت "تمييع" أزمة التفقيس وأكدت أن الأمر لا يستحق القلق، ويمكن السيطرة على "الأزمة" بسهولة، فهيئة الحماية الفطرية ـــ على حد قولها ـــ تعطي هذا الجانب اهتماما كبيرا، ولكن هذا الأمر لم ينطلِ على أعضاء المجلس وتحملوا المسؤولية، مطالبين على وجه السرعة بالعمل على افتتاح مكاتب فرعية للهيئة في المناطق وتوفير الاعتمادات اللازمة كي تقوم بعملها على أكمل وجه، إضافة إلى زيادة عدد المبتعثين المتخصصين للخارج في مجال عمل الهيئة وتوفير الدعم لذلك. الغريب في الأمر هو التدخل "السافر" من وكالات الأنباء العالمية وسخريتهم من مناقشة المجلس المستوى المتدني لعملية تفقيس بيض الحباري، حيث طالبوا المجلس بالسعي إلى حل المشكلات ذات الأهمية كالإسكان والبطالة والقروض التي تثقل كاهل المواطن، إضافة إلى ضعف الرواتب التي لا تكفي الحاجة ـــ على حد وصفهم ـــ وهو أمر يدل على أن الإعلام العالمي يدس أنفه في أمر يجهله، فهل يوجد في السعودية أزمة إسكانية؟ أو بطالة؟ بالطبع لا.. فـ 100 في المائة من السعوديين يتملكون المنازل ومعدل البطالة في البلد ـــ ولله الحمد والمنة ـــ استقر على 0 في المائة، ولا يوجد لدينا سوى مشكلتين لا ثالثة لهما؛ الأولى هي ندرة تفقيس بيض الحباري وتتم محاصرتها الآن، والثانية عدم وجود عدالة اجتماعية بين "القطاوة" في العاصمة الرياض، فقطاوة شمال العاصمة أسمن من نظرائهم في جنوب المدينة، وأجزم أن تلك الفروقات الاجتماعية سيتم حلها قريبا تحت "قبة" المجلس الموقر.
نسيت أن أخبركم بأنه في الوقت ذاته الذي كان مجلس الشورى السعودي يناقش فيه أزمة تفقيس البيض، كانت دبي قد اعتمدت مشروع توصيل الهوية الوطنية عبر الطائرة بدون طيار، وهو دلالة على أننا متقدمون عن الدول الشقيقة المجاورة بمقدار سنة "ضوئية".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي