الانقطاعات في إمدادات النفط أبقت الأسعار قوية في 2013
إن الوفرة الكبيرة في إمدادات النفط الخام التي توقعها العديد من المحللين ودور المعرفة لم تتحقق بالكامل في عام 2013، حيث ثبت أن الطلب على النفط كان أقوى قليلا مما كان متوقعا والعرض قوض بالعديد من الانقطاعات غير المبرمجة في الإنتاج. هذه الانقطاعات أبقت أسعار نفط بحر الشمال برنت مستقرة نسبيا في عام 2013، بمتوسط أسعار بلغ 108.7 دولار للبرميل مقابل 111.7 دولار للبرميل في عام 2012. أنهى خام برنت العام الماضي بفارق 31 سنتا تحت مستوى نهاية عام 2012 التي بلغت 111.11 دولار للبرميل. خلال العام الماضي أيضا تم تداول خام بحر الشمال القياسي بنطاق 22 دولارا للبرميل بين 96.75 إلى 119.17 دولار للبرميل، هذا النطاق يعتبر أضيق فرق منذ عام 2006.
في الولايات المتحدة، ارتفاع الإنتاج المحلي من النفط الخام حفز الاستثمارات الضخمة في خطوط الأنابيب، وصهاريج التخزين والنقل بالسكك الحديدية، ما ساعد على إيصال النفط الخام إلى الأسواق بصورة أكثر كفاءة، ورفع أسعار النفط القياسي الأمريكي- خام غرب تكساس الوسيط WTI- حيث بلغ متوسط أسعاره للعام 98.03 دولار للبرميل، بعد أن كان 94.15 دولار للبرميل في عام 2012. أنهى خام غرب تكساس الوسيط العام عند 98.42 دولار للبرميل، بعد أن أغلق عند 91.82 دولار للبرميل في عام 2012. خلال العام الماضي تم تداول خام غرب تكساس الوسيط القياسي بنطاق 27 دولارا للبرميل، هذا النطاق يعتبر أيضا أضيق فرق منذ عام 2006.
الرهان على الفارق بين أسعار تداول خام بحر الشمال القياسي برنت وخام غرب تكساس الوسيط ظل أكثر أمور التجارة سخونة في أسواق النفط العالمي، لكن وجود عدد كبير جدا من المتغييرات أدى إلى حدوث تقلبات غير متوقعة في الأسعار، ما جعل التوقعات في هذا الجانب عديمة الفائدة. في عام 2013 تراجع الفرق بين أسعار تداول خام بحر الشمال القياسي برنت وخام غرب تكساس الوسيط بنحو 6.9 دولار للبرميل عن عام 2012 إلى متوسط قدره 10.63 دولار للبرميل. لكن، مثل أسعار النفط الخام الأساسية، شهد الفرق بين خام برنت وتكساس تقلبات كبيرة أيضا، حيث اتسع الفرق إلى 20.75 دولار للبرميل في شباط (فبراير) وتراجع إلى 2.73 دولار للبرميل في تموز (يوليو).
على الرغم من أن عام 2013 شهد نموا كبيرا في إنتاج النفط الخفيف الحلو من الولايات المتحدة بلغ نحو مليون برميل في اليوم في المتوسط حسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إلا أن أسعار خام بحر الشمال القياسي الخفيف الحلو برنت شهد تراجعا محدودا، ذلك أن إنتاج النفط الخام الليبي الخفيف الحلو انهار في الوقت نفسه الذي بدأ فيه الخام الأمريكي إغراق الأسواق خلال موسم الصيف.
بصرف النظر عن الإنتاج الليبي، واصلت أسواق النفط الخام العالمية افتقادها الإمدادات السورية والإيرانية، في حين لم يتمكن العراق من زيادة الإنتاج كما كان متوقعا. إنتاج سورية انخفض بنحو 100 ألف برميل في اليوم في عام 2013، في حين خسرت إيران نحو 300 ألف برميل في اليوم إضافية. في الوقت نفسه، أضاف العراق نحو 100 ألف برميل في اليوم فقط إلى الأسواق العالمية بدلا من 400 ألف برميل في اليوم التي كانت متوقعة، على الرغم من أن العراق نجح في إضافة هذه الكمية على مستوى الحقل، لكنها لم تصل إلى الأسواق العالمية، بصورة رئيسة نتيجة سوء الأحوال الجوية في موانئ التحميل.
من ناحية الطلب، الطلب العالمي على النفط نما بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم في المتوسط في عام 2013، مدعوما بتعافي الاقتصاد العالمي وبارتفاع استهلاك النفط في الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD) بأقوى مما كان متوقعا.
في الوقت نفسه قامت منظمة أوبك بخفض إنتاجها بنحو 900 ألف برميل في اليوم في عام 2013، بعد أن أنتجت نحو 31 مليون برميل في اليوم في عام 2012. لكن الجزء الأكبر من التخفيضات لم يكن طوعيا، حيث انهار الإنتاج الليبي في النصف الثاني من العام، ما أسهم في خفض إنتاجها بمعدل 400 ألف برميل في اليوم في عام 2013، في حين أن الفساد المؤسسي في نيجيريا أدى إلى خسارة 200 ألف برميل في اليوم من إنتاجها.
في بحر الشمال قامت الشركات العاملة بتشديد إمدادات النفط الخام الخفيف الحلو في حوض الأطلسي وشحنه إلى آسيا، بصورة رئيسة من حقل فورتيز Forties إلى كوريا الجنوبية. نتيجة لذلك ظل منحنى أسعار برنت في حالة التراجع Backwardation، بمعنى أن أسعار الشهر الفوري هي أعلى من أسعار الأشهر اللاحقة، وبلغ متوسط الفرق بين الشهر الفوري والثاني 63 سنتا في عام 2013 مقابل 66 سنتا في عام 2012.
في الولايات المتحدة، للسنة الرابعة على التوالي ضاقت حالة "الكونتانجو" Contango لخام تكساس الوسيط، بمعنى أن الأسعار المستقبلية (الآجلة) أعلى من الأسعار الفورية، حيث إن زيادة طاقات النقل استنزفت فائض النفط الخام في الوسط الأمريكي. نتيجة لذلك تقلص الخصم في أسواق نايمكس الآجلة بين أسعار عقد الشهر الفوري لخام تكساس الوسيط وعقد الشهر الثاني إلى 7 سنتات فقط في عام 2013 مقابل 39 سنتا في عام 2012.
في عام 2013 ارتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام إلى أكثر من ثمانية ملايين برميل في اليوم للمرة الأولى منذ عام 1988. حيث تجاوز إنتاجها المحلي وارداتها من النفط الخام، في حين أن الواردات من النفط الخام الخفيف الحلو توقفت تقريبا على ساحل الخليج في الولايات المتحدة.
الاكتفاء الذاتي للولايات المتحدة من الخامات الخفيفة الحلوة أدى إلى تداول الخامات المحلية بخصم مقابل الواردات. الخام المرجعي الخفيف لساحل الخليج الأمريكي - خام لويزيانا الخفيف الحلو LLS- تم تداوله في المتوسط بخصم 1.31 دولار للبرميل مقابل خام بحر الشمال برنت في عام 2013، مقارنة بخصم 29 سنتا في عام 2012. في حين قبل ذلك، كان خام بحر الشمال برنت يتداول بخصم مقابل خام لويزيانا الخفيف الحلو. في الوقت الحاضر، لم تعد الولايات المتحدة في حاجة إلى تسعير النفط الخام الحلو المحلي بأسعار أعلى لجذب واردات النفوط المماثلة.