«العمل» .. وإنهاء التدريب المجاني للأجانب
حملة تصحيح سوق العمالة التي نأمل أن تستمر ظهرت لها فوائد عديدة، حيث خفت زحمة المرور إلى حد ما كما بدأت تختفي السيارات التي انتهت صلاحيتها ولم تعد "تعطر" شوارعنا بدخانها.. كما انخفضت نسبة الجرائم والسرقات حسب مصادر أمنية.. وغادرت العمالة الفنية التي تحت التدريب والتي نشاهد أفرادها عند وصولهم يصاحبون القدامى عند قيامهم بأعمال الكهرباء والسباكة في منازلنا فنجد الواحد منهم لا يعرف كيف يمسك بالمعدات وتسقط منه أحياناً فتكسر ما سقطت عليه.. ولقد طرد أحدهم عاملاً لاحظ أن يده ترتجف ثم سقط ما بيده وكسر مغسلة اليدين غالية الثمن.. واكتفى بالقول "آسف أنا جديد" وأخرج من جيبه 100 ريال استعداداً لدفع قيمتها ولو علم كم سعرها لأغمي عليه!
وما دمنا في فترة تصحيح سوق العمالة فإن المؤمل من وزارة العمل أن تشدد في وضع ضوابط وشروط لمن يعمل في مجال الصيانة عامة والكهرباء والسباكة على وجه الخصوص وأن تجرى اختبارات فنية لهم بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب التقني قبل التوصية لجهة الاختصاص بمنح الترخيص من عدمه.. وسيكون لهذا الإجراء فوائد عديدة على رأسها الحماية من الحرائق والحوادث التي تحصل بسبب رداءة تمديدات الكهرباء والمياه.
أما موضوع التدريب المجاني للأجانب فقصة تستحق الرواية.. ففي إحدى زياراتي لمدينة الجبيل الصناعية قال لي مدير أحد المصانع الكبرى "إننا نعاني" مشكلة كبيرة وهي عزوف الشباب السعودي عن الأعمال الفنية حتى الذين نالوا شهادات ودرجات الامتياز من معاهد فنية يرغبون العمل في الأعمال الإدارية وفي المدن الكبرى حتى لو كان ذلك براتب أقل.. وأضاف: وأمام ذلك اتجهنا إلى استقدام فنيين من شرق آسيا وبعد سنوات من عملهم لدينا بل والأصح أن نقول من تدريبهم في مصانعنا يأتي متسوقون من الشركات الصناعية في الدول الخليجية ويعرضون عليهم رواتب مغرية فيتركون العمل بعد انتهاء عقودهم ونبدأ في الاستقدام والتدريب من جديد.
ومرت سنوات على لقائي مع مدير المصنع فإذا شاهدٌ من العمالة الفنية وهو فلبيني الجنسية ويعمل فنيا في أحد المستشفيات في الرياض يعترف بأنه وزملاءه يأتون إلى بلادنا بهدف التدريب ثم يتجهون بعد سنتين أو أربع إلى كندا وأمريكا فتدفع لهم المرتبات العالية لأنهم تدربوا في ورشة التدريب المجاني التي تسمى "المملكة العربية السعودية".
وأخيراً: هذا الوقت المناسب بأن نغلق ورشة التدريب المجاني للأجانب وألا نسمح باستقدام عمالة غير ماهرة إلا لشركات البناء وأن نختار العمالة الأجنبية الماهرة حتى لو ارتفعت تكاليف بعض الأعمال، فالمهم هو النوعية الجيدة التي تنفذ عملاً يبقى لسنوات طويلة بلا أعطال أو حوادث أو تكاليف إضافية.
فهل تتم وزارة العمل خطواتها بأن تنقي سوق العمالة الفنية من أدعياء معرفة كل عمل.. وهم في الحقيقة يتعلمون كل الأعمال في بلاد تسامحت معهم كثيراً؟!