التأمين ضد البطالة والتكافل الاجتماعي

هناك مشروع نظام تم إعداده وعرضه على مجلس الشورى ويتوقع أن يصدر قريبا، وتبدو أهمية هذا النظام الذي لا يزال في طور المشروع أو مسودة نظام ويحتاج إلى عرضه أمام مجلس الوزراء ليتخذ فيه قرارا بإصداره أو إعادته وإدخال ما يمكن ملاحظته عليه من تعديلات، وهي تبدو مسألة وقت ليكون النظام ضمانة لمن تنطبق عليهم شروط التعويض عن البطالة، وهي لب مشروع النظام الذي يمثل نقلة نوعية وعنصرا مهما في إعادة هيكلة قطاع الأعمال في المملكة، ويعد من الاتجاهات الدولية الحديثة التي أسهمت بفاعلية في التخفيف من آثار البطالة وحدتها في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية.
لقد أشار محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وهي الجهة المسؤولة عن تطبيق نظام التأمين ضد البطالة إلى أنه يوجد تعاون وثيق بين المؤسسة ووزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية وغيرها من الجهات ذات الصلة، بما في ذلك المستفيدون من خدمات المؤسسة كقطاع الأعمال وشرائح المتقاعدين للوصول إلى رؤى داعمة للعمل الاجتماعي التكافلي، خصوصا أن نظام التأمينات الاجتماعية يقوم على مبدأ التكافل بين الأفراد، وأن متوسط الأعمار حاليا في المملكة يتجه إلى الارتفاع نتيجة لتحسن الحياة ومعيشة المجتمع وزيادة الوعي الصحي، وأدى ذلك إلى زيادة في سنوات صرف معاشات التقاعد وبالتالي حاجة المؤسسة إلى موارد إضافية غير الاشتراكات للوفاء بالتزامات المؤسسة تجاه مشتركيها.
إن التأمين ضد البطالة فكرة صحيحة حيث يفقد العامل عمله ويمر بفترة بحث عن عمل ومن دون مصدر دخل يكفي لسد حاجات معيشته وأسرته، بل إن هذا النظام يشجع على العمل في القطاع الخاص بشكل عام، لأن هناك مخاوف لدى الشباب والشابات من انتهاء العلاقة التعاقدية مع الشركة أو المؤسسة التي يعملون فيها، فتكون النتيجة التحول إلى شخص عاطل ولو لفترة مؤقتة وقد تطول هذه الفترة، وليس من حل سوى تطبيق فكرة التأمين، وهو حل يؤخذ به في كثير من دول العالم، بل إن هذا النظام من أعمدة منظومة العمل والنشاط الاقتصادي والتجاري في الدول الصناعية، وقد نص مشروع النظام الجديد على صرف مكافأة شهرية للموظف الذي خرج بغير إرادته عن المنشأة، على ألا يتجاوز المبلغ تسعة آلاف ريال.
إن نظام التأمين ضد البطالة أو التعطل عن العمل ليس ترفيا أو مجرد تقليد، فالتكافل الاجتماعي مطلب شرعي وإنساني، إذ يتحمل الجميع تكلفة هذا الضمان لمنح المواطن أو المواطنة الحق في الحياة الكريمة بعد فقد العمل، وهذا سيتم دون تمييز في الجنس وعلى جميع الشركات والمؤسسات التي تعمل تحت منظومة التأمينات الاجتماعية، لكن بضوابط وبطريقة حسابية يتم بها تحديد المبلغ الذي لن يتجاوز تسعة آلاف ريال شهريا، ويلاحظ أن صيغة مشروع النظام لم يستخدم كلمة المفصول عن عمله، بل المتعطل عن عمله حتى يستوعب جميع الحالات التي قد يتعرض لها المواطن.
لقد تدفقت على سوقنا المحلية عمالة وافدة عبر سنوات ودون دراسة مسبقة لكم الاحتياج الفعلي أو بحث توازن أو مراقبة بصورة فاقت الحاجة الاقتصادية لسوق العمل السعودية، وهذا خطأ فادح يجري تصحيح آثاره الآن، لذا ظهرت لدينا البطالة التي هي من صنع نشاط وتجارة الاستقدام والتربح من وراء توفير فرص العمل لغير السعوديين، ولم نبالِ مطلقا بنوع وتأهيل العمالة أو خبرتها الفنية، بل كنا ولا نزال سوقا تجريبية ضخمة يتم فيها التدريب الميداني العملي، ولأن أزمتنا مع البطالة في سبيلها للحل فإن الجميع متفائل بما تقوم به الوزارات المعنية لمواجهة هذه المشكلة الإدارية والاجتماعية قبل أن تتحول إلى اقتصادية عميقة لها آثارها الخطيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي