مؤتمر القمة الخليجي

لا يفكر قادة الخليج وساسته الكبار بالأسلوب نفسه الذي يفكر به الإعلام الخارجي وصداه المحلي منذ سنوات، فزعماء الخليج يدركون أنهم أمام مسؤوليات تاريخية، وأن خلافاتهم ليست مهمة عندهم مثل مصلحة أوطانهم؛ لأنهم اتفقوا على الغاية والهدف، والشعوب الخليجية تدرك ما تحقق وتنتظر ما يعد به الزعماء بثقة أن عملا يبنى على أسس يحتاج إلى وقت وروّية.
أما الحالة فهي أنه بعد كل قمة خليجية ولعقود مضت تثار عواصف، ومزاعم، وتحريض أحيانا، وأكاذيب، وحقائق مقلوبة، ومع هذا يخرج الزعماء مبتسمين وثقة غامرة تعمهم، أو اتفاق بينهم أن ما يقوله الإعلام هو إعلام، وأن الواقع أن القمة الخليجية ستنعقد في عام قابل.. وهذا العام كان الأكثر جدلا، لكنه لن يغير شيئا في علاقاتنا الخليجية، وسعي القادة لما يرونه أفضل.
الخليج وطننا ويهمنا أمره، ويهمه أمرنا.. ونحن مع دول الخليج، وهم معنا بعيدا عن المسميات، فلو أعلنت عملة خليجية، وبنك لينضم من يشاء، ولو اتحدت اثنتان، أو ثلاث من دول الخليج، وأقرت العملة وقوة الدفاع المشترك لجاء آخرون من دول الخليج، ولا أدري من جعل دول الخليج ستا فمن الممكن أن تكون خمسا أو ثلاثا أو اثنتين، المهم تجمع قوى كافية لتكون في الثقل الدولي، فإن ثبت نجاح هذا الاتحاد الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين فسينضم آخرون من الخليج وغيرهم أعضاء؛ ليس لمسمى الخليج العربي بل لمصالح ذاتية ستأتي بكل دولة على حدة في الظروف المناسبة.
يحسن أن يكون الاتحاد والتكامل للحاجة وليس للمظهر أو الترف، فمن يرى رؤية المملكة بأهمية الاتحاد بادر، ومن يرى أن يؤجل أجل، وهي مسألة أشرت سابقا إلى أنها تحكمها ظروف كل دولة على حدة، وعلى الدول الخليجية الأخرى تقديرها.
هذا الجانب يتحاور حوله المغرضون في الإعلام، لعلهم يجدون فيه ما يفرق أهل الخليج، وهم لا يعرفون أن تلازم الخليجيين تلازم اجتماعي اقتصادي، وهو أقوى من أي روابط شكلانية، ولا تؤثر فيه المواقف السياسية الطارئة.
المهم أن يبدأ الاتحاد دون تعصب له، أو تعصب ضده، وسيتحقق حتى لو تأخر البعض لأنه يحقق مصالح للجميع، ولأنه درء لأخطار محدقة، فالمملكة بلا جدل هي الأكبر مساحة والأكثر سكانا، فهي العمق الاستراتيجي لدول الخليج جميعا، وهي حجر التوازن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي