هل حققت وزارة الصحة ما يُسعد المواطن؟!
بلغت ميزانية وزارة الصحة لعام 2013م أكثر من 54 مليار ريال، أي بزيادة عن العام السابق بنحو 16 في المائة، وبذلك يمثل نصيب الصحة من الميزانية السنوية للدولة نحو 6 في المائة. وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن الإنفاق على الصحة في المملكة يمثل 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
وبناء على مؤشرات الصحة الواردة في الكتاب الإحصائي لتلك المنظمة الدولية (World Heath Statistic-2013)، فإن عدد أسرة المستشفيات في المملكة يصل إلى 22 سريراً لكل عشرة آلاف نسمة، مقارنة بنحو 27 في سنغافورة، و30 في أمريكا، و82 في ألمانيا، و33 في النرويج، و35 في لبنان، و19 في الإمارات، و30 في بريطانيا، و20 في الكويت و30 على مستوى العالم، أما عدد الأطباء فيصل إلى 9 لكل عشرة آلاف نسمة، (وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الصحة تُشير إلى أن عدد الأطباء يصل إلى 24 طبيباً)، وللمقارنة يصل هذا العدد إلى 24 في أمريكا، و37 في ألمانيا، و42 في النرويج، و35 في لبنان، و19 في الإمارات، و28 في بريطانيا، و18 في الكويت و14 على مستوى العالم، وبالإضافة إلى ذلك، يُعد عدد الممرضات من المؤشرات المهمة لجودة الخدمات الطبية، وتشير الإحصاءات إلى أن هناك 21 ممرضة لكل عشرة آلاف نسمة في المملكة، يُقارن ذلك بنحو 64 في سنغافورة، و98 في أمريكا، و114 في ألمانيا، و319 في النرويج، و22 في لبنان، و41 في الإمارات، و95 في بريطانيا، و46 في الكويت، و29 على مستوى العالم.
على الرغم من الإمكانات المرتفعة التي تحظى بها وزارة الصحة والميزانية الضخمة، التي تُخصص لها كل عام، فإنها لم تتمكن من تقديم خدمات متميزة تتناسب مع مكانة المملكة بما حباها الله من خيرات، وما خصها من أماكن مقدسة. ومما يزيد الطين بلة، أنه مع قلة أسرة المستشفيات، فإنها لا تُستغل بفاعلية، مما يترك بعضها شاغراً رغم الحاجة الماسة، وذلك بسبب الآلية المتبعة في تخصيصها للاستشاريين! فالمواطن يواجه معاناة كبيرة عندما يُصاب أحد أقاربه بعارض صحي، لأن معظم المستشفيات تعتذر عن استقبال حالته إلا بشفاعة ''واسطة''، خاصة عندما تكون الإصابة كبيرة كالجلطات ونحوها، متحججة بعدم توفر ''سرير''، ولكن السبب الحقيقي هو الخشية أن يتطلب العلاج مدة طويلة. وفي هذا الظرف الصعب، ماذا يمكن أن يفعل أقارب المريض يا وزارة الصحة؟ هل يتركونه في الشارع دون علاج، نتيجة تقرير طبي يقول إن حالته صعبة؟ أم يلجأون إلى المستشفيات الخاصة التي تنهب ما في الجيوب؟!
لا يمكن تخيل المعاناة وحجم الألم والحسرة مع ''قلة الحيلة'' التي يمر بها أقارب المريض عندما يتعرض لحادث مروري أو يصاب بعارض صحي مفاجئ، فإما أن يبقى في أحد المستشفيات الإقليمية الصغيرة التي تفتقر إلى الأخصائيين والأجهزة الضرورية للتعامل مع الحالات الصعبة أو أن يضطر الأقارب للجوء لأحد المستشفيات الخاصة التي لا ترحم، بل تسعى لتضخيم الفاتورة قدر الإمكان، من خلال فرض رسوم واختبارات قد لا تكون ضرورية!
على الرغم من التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة في معظم المجالات، فإن وزارة الصحة لم تتمكن من رفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطن على مدى عمرها المديد، ومع ما يُخصص لها من مبالغ ضخمة، سواء من حيث تحسين جودة الخدمات التي تقدمها المستشفيات التابعة لها مباشرة أو تلك التي تُشرف عليها ويقدمها القطاع الخاص أو المؤسسات الصحية التابعة لجهات حكومية أخرى. وأخيراً ما كان للخدمات الصحية أن تكون بهذا المستوى المنخفض لو أن هناك محاسبة وتقويما دوريا للخدمات الصحية المقدمة للمواطن! وهنا يبرز التساؤل: هل فكرت الوزارة مرة أن تقوم بقياس مدى الرضا عن مستوى الخدمات؟!