فرصة لخفض إنتاجنا النفطي

بلغ إنتاج المملكة من النفط الخام أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا، بأسعار تزيد على 100 دولار للبرميل.
هل نحن في حاجة إلى كل هذا؟
اقتصادنا معتمد اعتمادا شبه كلي على النفط. يظهر هذا الاعتماد في صور شتى. وزيادة الإنتاج النفطي مقرونة بارتفاع أسعاره تعني تعميق هذا الاعتماد. وهذا كلام لا يتطلب مشقة في إثباته، بل هو واضح لكل مطلع على أوضاع اقتصاد بلادنا. من جهة أخرى، إيرادات النفط هذه السنوات تزيد على الحاجة. مالية الحكومة في فائض كبير منذ سنوات.
المحصلة؟ لعل التطورات الأخيرة تدفعنا إلى خفض إنتاجنا. تلك التطورات بدأت تظهر بوضوح مع بداية الألفية الثانية، حيث ظهرت خلال السنوات الماضية مؤشرات على حدوث تبدّل نسبي في المصادر المفضلة عالميًا للحصول على الطاقة.
وداخل المصادر التقليدية، يعرف الجميع بحدوث تطورات أخيرا بين دول غربية وإيران. وتحمل تلك التطورات قدرا من الاختبار لقدرة ''أوبك'' على إعادة توزيع. فمرحبا بتلك التطورات التي نرجو أن تدفعنا إلى التصرف برشاد أكثر في كمية ما نضخ من نفط خام.
تنتج أمريكا نفطا خاما أكثر مما تستورد. بل يتوقع أن تصبح الدولة المنتجة الأولى للنفط في العالم بعد سنوات قليلة. ويتوقع كثيرون من كبار التنفيذيين في شركات متاجرة بالسلع أو محللي أسواق السلع، انخفاضا في أسعار النفط خلال عام 2014.
تستند هذه التوقعات فيما تسند إلى تخفيف العقوبات على إيران والإنتاج الصخري الأمريكي. وتبعا لذلك، يتوقع توسع العرض النفطي، على خلاف بنية سوق النفط خلال سنوات مضت.
من المتوقع أن تعمل ''أوبك'' على خفض إنتاجها مقابل زيادة إنتاج أمريكا وكندا وكازاخستان ودول أخرى ليست أعضاء في ''أوبك''. ارتفاع أسعار النفط دفع دولا كثيرة إلى زيادة إنتاجها ودفع إلى التوسع في تطوير البدائل للنفط التقليدي.
ثورة العرض النفطي بدأت مع ازدياد إنتاج أمريكا، بحيث أصبحت تنتج أكثر مما تستورد لأول مرة منذ أكثر من عشرين عاما. وفي سنوات قليلة، يتوقع أن تصبح المنتج الأول للنفط.
لم تظهر في السنوات الماضية آثار زيادة إنتاج أمريكا من النفط، بسبب عراقيل تصدير النفط في عدد من الدول النفطية. كنا نطالب بزيادة الإنتاج لتعويض العالم عما يفقده بسبب تلك العراقيل. التخفف من هذه العراقيل يظهر تلك الآثار ولعله يخفف الضغوط علينا لزيادة الإنتاج.
عندما تصبح أمريكا المنتج الأول للنفط، ستنال استقلالية في الطاقة. وهذه الاستقلالية لها آثارها القوية سياسيا واقتصاديا.
من الآثار ظهور قدر أكبر من الجهالة عن مستقبل الطلب على النفط على المدى المتوسط. يتوقع أن امتناع ''أرامكو'' عن زيادة قدرتها الإنتاجية بالنظر إلى زيادة العرض من الدول الأخرى، مقرونة بضعف في نمو الطلب على النفط المستورد.
تكلفة الاستثمار لزيادة القدرة على الإنتاج عالية التكاليف.
كانت تقديرات وكالة الطاقة الدولية الممثلة لمصالح الدول المستهلكة (الغربية تخصيصا) على الطلب أقل من الواقع قبل سنة. ولا تعطي هذه الوكالة تفاؤلا كبيرا بنمو إنتاج غير دول ''أوبك''. عنصر رئيسي في الحد من التفاؤل مبني على التكلفة. تكلفة الإنتاج النفطي غير التقليدي مرتفعة، تدور حول 100 دولار للبرميل. بينما تقل التكلفة كثيرا عن هذا الرقم في دول الخليج. ويتوقع محللون كثيرون أن تكون الخلافات داخل ''أوبك'' في حصص الإنتاج هي مصدر القلق الأول. الإيرانيون هددوا في اجتماع ''أوبك'' الأخير بزيادة الإنتاج ولو نتج من ذلك انهيار أسعار النفط. والعراقيون يطالبون بزيادة الإنتاج. يأتي هذا الاجتماع بعد سنوات من تجاهل حصص الإنتاج بين دول ''أوبك''، لأن الأسعار مرتفعة، وبعض الدول النفطية تنتج أقل مما يفترض لسبب أو آخر. هذه الأسباب ربما في انتهاء.
ما زالت ''أوبك'' في مركز هيمنة بسبب قدرتها على خفض الإنتاج. بعد الاتفاق مع إيران، السؤال التالي مَن مِن دول ''أوبك'' يخفض إنتاجه؟
لا حاجة إلى التحديات بين أعضاء ''أوبك''، فمصلحتنا ليست في رفع الإنتاج، ولا حتى في إبقائه في حدوده الحالية. فهذا تعميق للمرض الهولندي في اقتصادنا. وجلب لموارد مالية بسهولة، ما يعني مشكلة في صرفها. ما يأتي بسهولة يذهب بسهولة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي