القطاع الخاص واقتصاديات الشرق الأوسط
كشفت أوراق العمل التي قدمت بمؤتمر ''اقتصاديات الشرق الأوسط ودور القطاع الخاص'' والذي عقد بمدينة الرياض بتاريخ الثالث من كانون الأول (ديسمبر) 2013، بتنظيم من مجلس الغرف التجارية الصناعية وصندوق النقد الدولي ودعم كامل من وزارة المالية، عن دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها بلدان العالم كافة.
وتأتي أهمية مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها اقتصادات دول العالم، من منطلق توجه جميع الحكومات إلى إسناد مهمة إدارة دفة التنمية لشركات ومؤسسات القطاع الخاص، حيث يقتصر دور الحكومات على وضع التشريعات وسن القوانين التي تكفل توفير بيئة محفزة لعمل القطاع، بعيداً عن البيروقراطية الحكومية التي عادة ما تقف عائقاً أمام قدرة القطاع على الإبداع والإنجاز والمساهمة الفاعلة في التنمية.
إن تشجيع القطاع الخاص على المشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها اقتصادات دول العالم، تساعد بشكل كبير على قيام القطاع الخاص بمسؤولياته التنموية المناطة به على الوجه المطلوب، بالشكل الذي يسهم في تفعيل العملية الإنتاجية وفي خلق الوظائف في الاقتصاد وتنشيط حركة التصدير، بما يحقق النمو الاقتصادي المنشود.
إن تشجيع القطاع الخاص على المساهمة الفاعلة في إدارة الاقتصاد، سيسهم بشكل كبير في التخفيف من التحديات التي تواجه الاقتصادات النامية والناشئة على حد سواء، وبالذات تلك التحديات المرتبطة بتحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، بحيث يُمكن من خلاله توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين والقضاء على البطالة التي تعاني بالذات منها اقتصادات الدول النامية، والتي تتسبب في حدوث مشاكل اجتماعية واقتصادية بما في ذلك أمنية لا تحمد عقباها.
من هذا المنطلق وإدراكا من الحكومة السعودية بأهمية تفعيل مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة، استعرض الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية في كلمته التي ألقاها بالمؤتمر، دور الحكومة في تحفيز القطاع الخاص على المساهمة الفعالة في الاقتصاد الوطني والتنمية، من خلال تبنى الحكومة تطبيق العديد من برامج الإصلاح الاقتصادي والإداري التي كفلت تهيئة البيئة المناسبة والملائمة لعمل القطاع الخاص السعودي، باعتباره محور التنمية الشاملة والمستدامة ومرتكزها الرئيس.
وقد أسهمت برامج الإصلاح الاقتصادي والإداري في استقرار الأسعار وفي التخفيض من تكاليف أداء قطاع الأعمال. كما قد واصلت الحكومة تبني سياسة إنفاق توسعية بهدف فتح المجال أمام المزيد من الفرص التجارية والاستثمارية أمام القطاع، لحفز النمو وإيجاد المزيد من فرص العمل للمواطنين.
وأشار الدكتور إبراهيم العساف، أن الحكومة السعودية قد تبنت في الإطار ذاته العديد من الإصلاحات الهيكلية الرامية لتعزيز تنافسية القطاع وتحسين بيئة الأعمال والأنشطة التجارية، والتي شملت توفير الأراضي للأغراض الصناعية وتذليل العقبات التي تعترض طريق القطاع وتحد من نموه وازدهاره.
إن تذليل العقبات التي تعترض طريق القطاع الخاص، أسهمت بشكل فاعل في تحقيق القطاع الخاص السعودي لمعدلات نمو جيدة والمضاعفة من دوره الريادي في الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يؤكده ارتفاع قيمة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة إلى نحو 700 مليار ريال في عام 2012، والذي يمثل ما نسبة نحو 58 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، كما قد ارتفع إسهام القطاع في توظيف العمالة الوطنية بالعام ذاته بما يزيد على 250 ألف عامل وبنسبة تجاوزت 34 في المائة مقارنة بعدد ما تم توظيفهم في عام 2011، ليتجاوز بذلك مجموع العمالة الوطنية في القطاع مليون عامل. كما ارتفعت قيمة استثمارات القطاع الخاص المتمثلة بإجمالي تكوين رأس المال الثابت بالأسعار الجارية، إلى نحو 314 مليار ريال في عام 2012.
خلاصة القول، إن القطاع الخاص يعد الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها مختلف دول العالم، باعتبار أن القطاع يضطلع بمسؤولية بناء الاقتصاد وتوفير الفرص الوظيفية والقضاء على البطالة.
من هذا المنطلق أولت حكومات العالم اهتماماً بالغاً للقطاع الخاص، بهدف توفير البيئة المناسبة لعمل القطاع وتمكينه من تحقيق معدلات نمو جيدة، تسهم بفعالية في تعزيز مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول.
الحكومة السعودية لم تألُ جهداً في تهيئة البيئة المناسبة لعمل القطاع الخاص المحلي، حيث يتمكن من القيام بالمسؤوليات التنموية المنوطة به، وبالذات المرتبطة بتطوير الأعمال والتحسين من مستويات الأداء.
إن جهود الحكومة السعودية الرامية إلى تطوير أداء القطاع الخاص، قد أسهمت بفعالية في التعزيز من مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى تفعيل دوره في خلق الوظائف، الأمر الذي يؤكده تحقيق القطاع الخاص لمعدلات نمو أعلى من القطاع الحكومي في سنوات مختلفة كعامي 2008 و2010 على سبيل المثال، حيث قد بلغ معدل نمو القطاع في هذين العام نحو 11,1 و10,3 في المائة على التوالي مقارنة بنحو 6,2 و7,5 في المائة للقطاع الحكومي.