حين يتخلى اللاعبون الأجانب ..
حين قرأت خبرا يتحدث عن تخلي ثلاثة من اللاعبين الأجانب عن اللعب مع فريق النصر عشية مباراة مهمة، وفوز فريق النصر بالمباراة، فقد استوقفني هذا الخبر واندهشت لأثره العميق في نفسي واسمحوا لي أن أحدثكم عن هذا الأثر، ولكن قبل ذلك أريد أن أهمس لكم بأمر ليس سرا ويعرفه كل من حولي وهو أني لست نصراوية ولا هلالية ولم أتابع يوما مباراة كاملة في حياتي، لا لأني لا أحترم هذه اللعبة حاشا لله تعالى، ولكنها قناعة شخصية وفلسفة أنتم في غنى عن شرحها الآن .. لكن ما يهمني حقا هو أن أخبركم لماذا استوقفني فوز نادي النصر رغم هذا الموقف السلبي غير المهني من لاعبيه الأجانب؟
- حين يؤمن إنسان ما أو فريق ما بقدرته على الفوز - بإذن الله تعالى - فإنه قادر على تحقيق هذا الفوز بغض النظر عن كل الإحباطات السلبية التي تحيط به والتوقعات المدمرة من قبل الآخرين بفشله وعدم قدرته على تجاوز الصعاب، وفريق النصر حين كان يتعثر ويمنى بالفشل تلو الفشل في المباريات التي كان يخوضها طوال سنين مضت، فذلك لم يكن مرده سوء إدارة أو تدريب أو عدم كفاءة لاعبين أو ''عين ما صلت على النبي'' عليه الصلاة والسلام، بل لأن هناك قانونا مهما كان مفقودا وهو ''الإيمان بالقدرة على الفوز''، هذا القانون كان غائبا أو بتعبير أكثر دقة كان متواريا بخجل أمام سيل الانتقادات السلبية المروعة والتوقعات المحبطة بالفشل التي كان فريق النصر بإدارته ولاعبيه يصغون إليها جيدا من قبل الجماهير والمعلقين والنقاد والعامة والمتندرين وحتى ''أصحاب التنكيت''، ومن هنا ظل الفريق يتلقى الخسارة تلو الخسارة تلو الخسارة .. لأنه كان ببساطة يصغي للأقوال والأحكام السلبية المحبطة وهي تتحدث ويتجاهل هذا القانون العظيم الذي كان يتضاءل ويتضاءل حتى يكاد يتلاشى أمام كل لقاء .. ولذلك كانت الخسارة دوما في انتظار فريق النصر، لأنهم صدقوا الآخرين وآمنوا بأنهم غير قادرين على تحقيق الفوز.
ماذا حدث تلك الليلة إذن؟
يقول قانون نيوتن ''لكل فعل ردة فعل تساويه في المقدار وتعاكسه في الاتجاه''.
لو طبقنا قانون نيوتن على ما حدث في تلك المباراة لأصابنا الذهول، فرفض اللاعبين الأجانب المشاركة مع فريقهم في هذا الوقت الحرج كان ''فعلا'' قويا محرجا مؤلما يبعث برسالة غير مباشرة بأن اللاعبين الوطنيين لن يحققوا فوزا دون مشاركة اللاعبين الأجانب ''ردة فعل'' اللاعبين الوطنيين كانت على مستوى قوة الفعل، حيث كانت ردة الفعل قوية عظيمة مؤثرة حفزت كل الطاقات الإيجابية المدفونة بداخل اللاعبين وجعلت قانون ''الإيمان بالقدرة على الفوز'' يعمل ويرسل رسالة غير مباشرة للاعبين الأجانب أن أبناء الوطن قادرون على الفوز، وبالفعل تحقق الفوز بتلك المباراة.
هذا الدرس العظيم الذي قدمه لنا لاعبو النصر يجب أن نتوقف طويلا أمامه ونتأمله فهو يستحق التأمل.
- إذا لم تكن مؤمنا بداخلك بقدرتك على الفوز وتحقيق نتائج إيجابية فلن تحقق أي نتيجة مهما كانت الإمكانات متوافرة لك، وفي المقابل حين تكون مؤمنا بأحقيتك بالفوز فسوف تفز ولو عاداك وهاجمك العالم أجمع.
- إذا دخلت أي مباراة أو منافسة أو أي معركة بالحياة وأنت تشعر بالانهزامية فاعتبر نفسك مهزوما قبل أن تبدأ وستظل تحصد تلك الهزائم واحدة تلو الأخرى ما لم تغير الصورة الذهنية السلبية عن ذاتك.
- إذا كنت لا تمتلك روح المقاتل الشجاع الذي لا يستسلم عند أول عقبة فراجع قوانينك جيدا، فالتعثر يجب أن يعلمك أن تنهض كلما كبوت لا أن تظل متعثرا متمددا في مكانك تدهسك عجلة الحياة وهي ماضية في طريقها غير عابئة بك.
- الإنصات للآراء السلبية والأحكام المسبقة بتوقع فشلك ستؤدي حتما بك إلى الفشل، فلا تنصت إلا لتلك الروح المقاتلة بداخلك التي تحثك على الفوز وتحقيق الانتصار من خلال حسن ظنك بالله وحده ثم بإيمانك بقدرتك على تحقيق أهدافك.
- لا تربط قدرتك على النجاح وتحقيق الإنجازات، بقدرات الآخرين، لأنك إن فعلت فستهتز حين يتخلون عنك.
هي تأملات مجردة استوحيتها من ذلك الموقف الملهم المؤثر لفريق النصر.