شباب الأعمال .. إدارة التغيير
فكرة شباب الأعمال، ومعظمهم أبناء رجال أعمال كبار السن، جاءت من معنى ضمني لدى آبائهم، وهو أن أبناءهم يحتاجون إلى التدريب ليلعبوا بعيدا عن الأعمال الكبرى في الشركات والمؤسسات القائمة. وسبب تشجيع حركة شباب الأعمال أن بعض رجال الأعمال مشفق فعلاً على أسلوبه القديم في إدارة العمل، ولا يريد لأبنائه أن يغيروا صيغة العمل، والحل أن تكون لهم أعمالهم الخاصة ليغامروا كما يشاؤون، والمشكلة التي يعانيها رجال الأعمال التقليديون الكبار أن الزمن ليس في أيديهم ليوقفوه، ولا بد من زحف الجيل للأعمال إما مشاركا وإما منافسا، لكنهم لا يثقون بقدرة شبابهم على القيام بما يقومون به.
المعامل الآخر، أن التوزيع العمري لفئات المجتمع بين السكان في دول الخليج يميل لمصلحة الشباب، حيث ثلاثة أرباع المجتمع دون الثلاثين من سني العمر، وهذا يجعلهم متطلبا ضروريا في التنمية؛ لكن المجتمع الشبابي يعتبر معضلة إدارية تصعب إدارته بإدارات نمطية جامدة، فتطلعاتهم وحيويتهم تجعلانهم مستعجلي النتائج، ويكرهون التعقيدات الإدارية الطويلة التي تبطئ العمل.
وإلى الآن فإن مراكز المسؤولية في الشركات ومؤسسات الحكومة ليست في يد الشباب والشابات من الأعمار المبكرة، وإن وُجدت هذه الطاقات الشابة في مفاصل الإدارة فهي تُختار لأنها تقليدية وتستجيب للروتين الذي تفرضه إدارات عليا، وهي تمارس قناعاتها على منعها من الشباب الطموح.
من هنا، فدعوتنا هنا هي لإعطاء الشباب المتحمس الثقة للتغيير والتطوير، فالشاب الذي يتولى المسؤوليات مبكرا في صغره هو الأقدر على النجاح في عمره الإنتاجي المبكر والمتأخر، فلا يمكن النظر إلى واقع الشاب وتعليمه وثقافته قبل أن يتحمل مسؤوليات ثقيلة، وفرصا لاتخاذ القرار في مجاله، هنا يمكن الحكم عليه. جانب آخر أن الشاب والشابة هما أقدر فئات المجتمع على الإبداع وأسرعهم في الإنجاز، ومن الخطأ أن تقدم عليهما خبرة كبار السن؛ لأن كبار السن أكثر بطئا في اتخاذ القرار لخوفهم من الفشل، فنتحمل أخطاء الشباب في سبيل ما يمكن أن ينجز.
إذا لم يكن هناك سبيل لتولي الشباب الصغار إدارة الشركات والمؤسسات بحكم أن كبار السن هم الملاك، أو المسؤولون المسيطرون، فما الذي يمنع أن يُشرَكوا شراكة فعلية في اتخاذ القرار التطويري للشركة وأعمالها عن طريق إعطائهم الفرصة وقبول وجهة نظرهم وتطبيقها؟ تشجيعهم على أن يساهموا بفاعلية بالحوافز الكافية، وأقصد هنا الحوافز المادية والمعنوية التي تجعلهم يشعرون أن مساهمتهم مقدرة ومثمنة في مسيرتهم.
الواقع اليوم يشهد زحفا للشباب على مؤسسات العمل والإنتاج، وهو زحف مبارك، لكن القرار ليس في أيديهم لا في إدارة المشاريع ولا في التمويل.