شروط الاستقدام التعجيزية مرفوضة مجددا
سبق أن رفضت الجهات المسؤولة في السعودية الشروط التعجيزية التي تحاول بعض الدول فرضها كي يتم فتح الاستقدام منها، وهو موقف واضح لا يحتاج إلى تجديد وتأكيد. وقد أحسنت وزارة العمل أن حسمت الجدل حول الشروط والبنود ولم تسمح بتحول الموقف إلى جدال، وطالبت بتعديل الشروط لتكون مقبولة مع حفظ حقوق الأيدي العاملة. ثم كان البحث عن مصادر بديلة هو الخيار الأفضل فاتجهت نحو الاستقدام من دول أخرى، وذلك في خطوة من الوزارة لفتح قنوات استقدام جديدة وكسر القناعة باحتكار سوق العمل المنزلية لدول معينة، وذلك من أجل تنويع مصادر الاستقدام وتفادي المعوقات التي تنتج عن محدودية دول الاستقدام.
لقد فوض مجلس الوزراء في وقت سابق وزير العمل بتوقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول المرسلة للعمالة في إطار التنظيم الجديد، حيث تشارك وزارة العمل عدداً من الجهات المعنية بالاستقدام، وهي جهات رسمية، ومنها مَن يمثل القطاع الخاص في الغرف التجارية والصناعية التي تحتضن هموم رجال الأعمال الذين تضجروا من تلك الشروط التي تعتبر تجاوزاً وتدخلاً في خصوصيات المواطن السعودي التي لا يقرّها النظام في المملكة.
لقد اقترح بعض رجال الأعمال أن تتضمّن بنود عقود العمالة الوافدة مواد تشمل عقوبات وغرامات مالية ضد أي عامل يهرب من العمل أو يخل بالتزامه في عقد العمل، ولكن يبدو أن مثل هذه الشروط يصعب تطبيقها في ظل علاقة فردية بين عامل وصاحب عمل، وتبقى شركات الاستقدام محط آمال للإسهام الحقيقي في حل مشكلات الاستقدام التي تضخمت وتفرع عنها عشوائية في سوق عمل الخدم والخادمات وصعوبات تواجه الأسرة التي لا تستغني عن سائق وخادمة، ولعل المفاجأة في الأسعار تشكل صدمة، ولقد طالب البعض بأن يتم خفض تكاليف تأشيرة الاستقدام للعمالة المنزلية أو بإلغائها نهائيا وإلزام شركات الاستقدام بضمان حقوق الأسرة المستقدمة وحد أدنى من الالتزامات حتى لا تتعرّض حقوق الأسرة للضياع بين عامل غير مبال بالتزاماته وشركة تبحث عن الربح حتى لو تضررت الأسرة صاحبة العمل.
إن تنظيم سوق العمل يتطلب الكثير من العمل ومعالجة الثغرات القانونية ومواجهة احتياجات الأسرة السعودية، فالاستقدام لا يمكن الاستغناء عنه، ولكن يمكن تقنينه بالنظر إلى المصلحة الوطنية، فهناك مَن يتاجرون في فرص العمل ويجهضون الجهود الرسمية، كما أن تشديد القيود يذهب ضحيته مَن يحتاجون إلى الأيدي العاملة الوافدة في جميع المجالات، ولأنه يتم التعامل مع الظواهر، فإن دور الوزارة الإنصات لجميع الأطراف حتى يتم الإلمام بالواقع. والذي نؤمله أن تأتي المعايير الجديدة للاستقدام بحلول عملية تفصيلية واضعة في الاعتبار طبيعة السوق، وأن القضاء على الظواهر السلبية لا يعني التضحية بمصالح الملتزمين بالأنظمة، وإلا أصبحت الظواهر السلبية تفرض نفسها حتى في البحث عن حلول لها.
إن حديث العمالة المنزلية القاسم المشترك في المجالس بشكاوى مماثلة ومكررة، وتحمل في طياتها طابع التأفف والضجر. واليوم، تواجه البيوت السعودية أزمة مع ندرة هذه العمالة لانتهاء عقود بعضها؛ ولتوقف مصادر العمالة من دول كنا نعتمد عليها، والأمر الآخر طول فترة انتظار وصول العمالة المنزلية من دول أخرى، والأهم التصاعد الجنوني لتكاليف الاستقدام بما يبلغ أكثر من 18 ألف ريال، الأمر الذي نشأت عنه سوق سوداء للتجارة بهذه العمالة، وكرّس ظاهرة هروبها من منزل إلى آخر استغلالاً لهذا الظرف، ولذا فإن مشكلة العمالة المنزلية في بلادنا مركبة وتزداد تعقيدا، والأمل معقود على وزارة العمل أن تنجح في المفاوضات التي لا تزال قائمة أو تبحث عن بدائل من دول أخرى لإنهاء الحالة القائمة منذ ثلاث سنوات تقريبا.