الدواء تحت رقابة صارمة
وقَّعت الهيئة العامة للغذاء والدواء مذكرة تفاهم مع مركز الترقيم السعودي في مجلس الغرف السعودية للتعاون في تنظيم الأدوية وتداولها تجاريا داخل المملكة، وتهدف هذه المذكرة إلى دعم وتطبيق نظام GS1 الدولي للترميز "الباركود" على الأدوية المصنعة محليا والمستوردة من الخارج، لأن فرض المقاييس الجديدة للدواء المصنع والمستورد واعتماد "الباركود" سيسهم بشكل فاعل في تسهيل عملية استخدام المريض الأجهزة الذكية للاستعلام عن معلومات الدواء المسجل في الهيئة، وقراءة تعليمات النشرة الداخلية إلكترونياً، والتحقق من سعر الدواء الصحيح ومن سلامة العبوة من الغش والتقليد.
لقد طالب بعض التجار في لقاءات الغرف التجارية بتخفيف الإجراءات المطبقة على فسح المواد الغذائية، ولم يعد خافيا أن بعض الدول تنتج الدواء المخصّص للتصدير باشتراطات صحية أقل من الدواء المعد للاستهلاك المحلي في تلك الدول، ولا وسيلة لمواجهة هذا التمييز في جودة الإنتاج سوى بالمنع من فسح تلك الأدوية وإتلافها ومعاقبة التاجر المستورد لها، لأنه طرف في عملية غش تجاري، وحكم الشريعة الإسلامية واضح تماماً فـ "مَن غشنا فليس منا"، لأنه بفعله المخالف لأبسط قواعد التعامل يعرّض حياة الناس للخطر، ويضع الجهات الرسمية أمام تحدٍ من أجل تطبيق النظام ووضع التعليمات موضع التنفيذ.
لقد طمأن الرئيس التنفيذي للهيئة بأنه لا يوجد في السعودية أي تصنيع للأدوية المغشوشة، وأن المصانع المرخص لها بصناعة الدواء عليها رقابة شديدة ومستمرة تشمل كذلك الصيدليات، وأن جميع الأدوية المسجلة لدى الهيئة ستكون متوافقة مع أحدث معايير سلاسل التوريد بأنظمة المصانع ومستودعات الأدوية والصيدليات، وبالتالي يسهل تطبيق مشروع تأصيل وتتبع الدواء من المصنع إلى المريض، الذي سيفيد بشكل مباشر في الحد من دخول الأدوية المغشوشة إلى نقاط البيع والتخزين المرخصة، وترفع من فعالية وسرعة سحب الأدوية من الأسواق عند الحاجة، وتمكن أيضاً مقدمي الخدمات الصحية من استخدام المعايير نفسها في ترميز وتتبع الأدوية والجرعات داخل المنشآت الطبية من مستشفيات وغيرها، للرفع من دقة صرف الأدوية والجرعات للمريض والحد من الأخطاء الطبية في الصرف.
وفي الواقع يجب أن تركز زيارات لجان التفتيش الميدانية على المصدر الأكبر للخطر مثل المستشفيات الخاصة والصيدليات والعيادات، خصوصا في الأحياء الشعبية، حيث تمثل النسبة الأكبر في تسويق الدواء المغشوش، كما أن من يعرفون بتجار الشنطة لهم نصيب من كعكة الدواء المغشوش. وما دامت الأسعار منافسة للشركات الوطنية ووكلاء الشركات العالمية التي تسوق منتجاتها في السوق المحلية، فإن تجار الشنطة يظلون العنصر المتحرك في السوق ويجب الحذر منهم.
إن الجولات التفتيشية القوية يجب أن تكون دائمة ومستمرة على جميع مصانع الدواء ومخازن المستوردين، مع تطبيق المعايير الصارمة في فسح تلك المنتجات المستوردة، فزيادة الطلب الذي يسرع من العملية الإنتاجية ترى فيه بعض المصانع فرصة للتسويق السريع الذي يشوبه الاحتيال والإضرار بالمستهلك، وإن ثقة المستهلكين بالشركات المنتجة ليست رصيداً دائماً، بل هي رصيد قد يتناقص متى وجدت مخالفات لقواعد الإنتاج السليم. لقد شهدنا في الفترة الأخيرة تواصل التشهير بالمخالفين أمام الجمهور وعلى الملأ من خلال وسائل الإعلام، وهي خطوة عملية، فالمستهلكون لهم قرارهم وموقفهم من تلك الشركات ومنتجاتها، ومن المتوقع بل من المؤكد أن تؤتي قرارات التشهير نتائجها سواء في مجال مكافحة الغش التجاري أو التستر التجاري أو المغالاة في الأسعار، كما أن فرض العقوبات النظامية وعدم التفاوض مع المخالفين وتوالي نشر الأسماء وطبيعة المخالفات، سيكون له أفضل الأثر في حماية العملية الإنتاجية والاستيراد من صور الغش المتنوعة.