حملة التصحيح .. لنتصدى للتحايل والتستر التجاري

انتهت مهلة التصحيح، وبدأت حملة تصحيح شاملة، ومع كل يوم ينكشف لنا حجم المخالفات وعمق ظاهرة التستر التجاري في السوق السعودية، فهناك مئات بل آلاف من المحال التجارية أغلقت أبوابها بعد أن كانت عامرة بحركة المستهلكين، وهي محال متنوعة بين مخابز ومغاسل وبقالات، ولا نبالغ إذا قلنا إنها تشمل معظم الأنشطة التي تعمل فيها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على تنوعها وتعدد مجالاتها، وهي محال مملوكة قطعاً لأشخاص سعوديين، لأن كل محل له ترخيص من البلدية أو سجل تجاري.. فأين ذهب أصحاب تلك التراخيص والسجلات؟ هل زهدوا في تجارتهم أم أنهم كانوا واجهة قانونية وغطاء سقط مع نهاية مهلة التصحيح؟
وكي نتصور حجم التستر التجاري في سوقنا المحلية فإن نظرة إلى تلك الأحياء المسكونة بالكامل من قبل أشخاص يقيمون بصفة غير نظامية وتكون مصالح لملاك تلك المساكن الشعبية في المدن الرئيسة، مثل الرياض وجدة والدمام وما تشكله تلك التجمعات من مصادر للخطر الأمني وزيادة نسب الجرائم، لذا فإن وجود اقتصاد خفي ضروري لمعيشة تلك المجموعات التي أصبحت بمجرد نهاية المهلة تمارس جريمة في حق اقتصادنا وأمننا الوطني، ومن هنا فإن قطار التصحيح يجب ألا يتوقف، بل يجب أن يستمر بفرض أقصى العقوبات على المقيم والمواطن ممن يقومون بمساعدة أو توظيف من وجوده في المملكة غير قانوني.
لقد نفت وزارة العمل أن تكون في موقف مضاد للمنشآت الصغيرة، فهناك مَن وصف موقفها من تلك المنشآت بأنه محاربة، بينما يتحدث المسؤولون في وزارة العمل عن معالجة حالة السعودة الوهمية والتستر الواضح، حيث يكون السعودي مجرد واجهة نظامية تعمل تحت سجله وترخيصه عمالة غير سعودية، ما يعتبر مخالفاً لتوطين فرص العمل والتفريق بين المالك والعامل، لذا فإن تصريح وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية في هذا الملف حدّد ثلاثة عناصر ضرورية، على المنشآت الصغيرة الالتزام بها وهي: عقد بين صاحب العمل وطالب العمل السعودي، وتحويل راتب العامل السعودي إلى أحد المصارف التجارية العاملة في المملكة، وأخيراً تسجيل هذا العامل السعودي في التأمينات الاجتماعية.
وبهذا فإن تطبيق النطاق الأحمر سيكون حتى على المنشآت الصغيرة، فهي أيضا ستلزم بالسعودة، وعلى صاحب العمل السعودي تسجيل نفسه في التأمينات الاجتماعية، لكن لأن أغلبية السجلات التجارية والرخص والتصاريح للمنشآت الصغيرة يملكها سعوديون يعملون في القطاع الخاص أو متقاعدون - بمعنى أنه لا يمكن تسجيلهم في التأمينات الاجتماعية، فإن على صاحب المنشأة الصغيرة أن يعين سعودياً واحداً كحد أدنى ويتعاقد معه ويسجله في التأمينات الاجتماعية.
لقد حذرت الغرفة التجارية الصناعية في الرياض المواطنين ومن لديهم سجلات تجارية أو رخص عمل، من الانسياق حول الإغراءات التي تقدمها العمالة الوافدة، التي تنتظر نهاية مهلة التصحيح؛ حيث يفترض مع نهايتها نهاية عمل الوافدين لحسابهم الخاص باستثناء المستثمرين الأجانب، ويبدو أن الغرفة التجارية الصناعية في الرياض قد لاحظت أن هناك محاولات غير قانونية للتحايل على الوضع القانوني الجديد لما بعد نهاية المهلة، فالمهلة التصحيحية انتهت ولا يزال هناك مَن يريدون استمرار الوضع السابق بأن يكون الحبل لهم على الغارب، بل إن تحذير الغرفة التجارية الصناعية في الرياض يؤكد أن فئة واسعة من هذه العمالة تقدم هذه الإغراءات المالية ليقينهم التام بحجم ما يحققونه من أرباح كبيرة جدا رغم أي زيادات مالية إضافية تقدمها تلك العمالة للمواطنين المتسترين عليهم.
لذا فإن علينا مواجهة التحايل الذي تقوم به العمالة الوافدة بالمخالفة لنظام الاستثمار الأجنبي، وكذلك أنظمة الإقامة والعمل التي أصبحت مخالفتهما وسيلة لتسمين المخالفين ومن يساعدهم على حساب الباحثين عن فرص وظيفية من المواطنين والمواطنات الذين هم قيمة مضافة إلى الاقتصاد الوطني تشغيلاً وإنتاجاً، حيث يجب بناء صلة وثيقة بين المواطنين والمواطنات وأعمالهم التي يتولونها بأنفسهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي