هل أنت إنسان فاشل؟

كثير منا تعرض ويتعرض لهذا السؤال الصعب، قد نسأل أنفسنا هذا السؤال، وقد يوجه إلينا من بعض الناس، مثل الأهل والأصدقاء أو المدرسين أو حتى من نظرة مجتمعنا لتجاربنا التي يصفها المجتمع بالفاشلة. ومن أسهل الأمور – مع الأسف – في مجتمعنا إطلاق الأحكام على الآخرين، خصوصا الأحكام السلبية منها. فرسوب الابن في المدرسة نعتبره فشلا، وعدم الحصول على وظيفة في ''أرامكو'' فشل، والطلاق فشل، بل إن البعض يعتبر المرض أحد أنواع الفشل. إلا أن أكثر الأشياء وضوحا لدى عامة الناس هي المتاجر والمحال والشركات والمؤسسات التي يراها الناس في الشوارع والمجمعات، ولو صادف أن أحد هذه المحال أو الشركات أُغلق، يكون الحكم عليه بأنه فشل، وهذا هو الدور الذي يتقمصه صاحب هذا المحل، إنه إنسان فاشل.
نعم هناك مفهوم للفشل ومفهوم للنجاح، لكن هل مفاهيمنا للفشل والنجاح مفاهيم صحيحة؟ نحن نعتبر من يتعثر في أمر ما إنسانا فاشلا، وقد يقوده هذا التأطير الاجتماعي المقيت لأن يكون فاشلا حقيقياً، وفي المقابل، نعتبر من يحصل على مبتغاه تجاريا أو دراسيا أو وظيفيا إنسانا ناجحا، ونغض نظرنا عن الطريقة التي وصل بها للنجاح، فكثيرا من الأحيان نصف اللص والمختلس والمخادع بأنه إنسان ناجح، بل نحتفي به.
لا توجد تجربة ناجحة في هذه الكرة الأرضية إلا وبنيت على أكوام من التجارب الفاشلة، فالفشل يقود للنجاح، بشرط أن نتعلم من التجارب الفاشلة لننطلق إلى تجارب أقل فشلاً، ومن تراكم هذه التجارب، يستطيع الفرد أن يصنع تجاربه الناجحة، التي تقف على أساس صلب من الخبرة والمعرفة، والتجارب التي تنجح بهذا الأسلوب عادة ما تبقى وتعمر. الأمر المهم الذي يجب علينا الالتفات إليه هو ضرورة قراءة تجارب من سبقنا في المجال الذي نعمل أو ندرس فيه، فبهذه القراءة نستطيع الإحاطة بالكثير من الأمور التي تخفى علينا، وبهذه القراءة نستطيع أن نتجنب العثرات التي وقع فيها من سبقنا، إلا أن هذه القراءة لن تجنبنا العثرات بشكل نهائي، بل ستختصر علينا بعضها.
الأمر الأخير هو أن مَن يفعل ما يحب سيصبر على كل العثرات التي تصادفه، وسيصر على الوصول إلى مبتغاه الذي ينشده، ولنتذكر دائماً، أن التجربة الناجحة تبنى على أكوام من التجارب الفاشلة، وكتابة تجاربنا الفاشلة أو عثراتنا التي نمر بها هي أفضل ما نقدمه لمجتمعنا ووطننا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي