قياس النزف الدموي

أماكن عدة تزعم أنها حريصة على قياس الرضا تجاه هذه الخدمة أو تلك، تأخذ جزءا من وقت المستهلك، لطرح بضعة أسئلة عليه. بعض هذه الجهات تستخدم الهاتف. وبعضها تتواصل بشكل مباشر، وأخرى تطلب تعبئة نموذج ورقي أو إلكتروني. الحرص على قياس رضا المستهلك سلوك تسويقي رائع.
تواصلت معي إحدى الجهات الخاصة إثر شرائي بعض السلع منها، وطرحوا أسئلة عدة، وأعطيتهم ملاحظات على طريقة تقديم الخدمة، وحرص المتحدث معي على تأكيد أهمية الملاحظات التي قدمتها له، ووعدني بالتواصل لإبلاغي بالإجراء الذي تم حيال هذه الملاحظات، لكن هذا الأمر لم يتم.
صناديق الاقتراحات والشكاوى في الجهات الحكومية، ووسائل التراسل في مواقعها الإلكترونية تتلقف يوميا المزيد من الأصوات. و«المرور» إحدى الجهات التي أخذت بهذه الخطوات، لكن من الواضح أن هذه الأفكار والمقترحات تبقى مجرد كلمات للريح. هذا الأمر يشابه ما يتم طرحه عن بعض المشكلات المجتمعية عبر المقالات. يندر أن تجد صدى لهذه الفكرة أو تلك.
كنت في بداية مقالتي أريد أن أتحدث عن «المرور» على إثر وفاة خمسة أبناء وبنات من أسرة واحدة بسبب قائد سيارة متهور، لكنني تذكرت أن كلماتنا للمرور سيحملها بساط الريح بعيدا إلى بلاد الواق واق، فالمرور معني فيما يبدو بتسيير الحركة بالبركة. أما الوقوف بحزم تجاه النزف الدموي بسبب الحوادث المرورية فإنه يبقى محصورا في تصريحات لا تواكبها خطوات عملية تؤدي إلى إيقاف هذا النزف.
إن استمرار نسب ضحايا الحوادث المرورية بهذا المستوى، يمثل قضية وطنية، إذ إلى جانب الوفيات، هناك الإصابات التي تضيف عبئا على الخدمات الصحية الحكومية المثقلة أصلا.
يخطئ من يتصور أن المرور وحده يتحمل المسؤولية، لكنه محور رئيس فيها. هذه القضية الوطنية تحتاج إلى مزيد من الضغط لتحويلها إلى قضية رأي عام يتداعى الجميع لمعالجتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي