إلى متى.. هذا التشويه للطرقات؟
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة ما يعرف بالمطبات الاصطناعية أو كما يسميها البعض بالصناعية، وكذلك الحواجز الأسمنتية على الطرقات العامة والشوارع الداخلية في الأحياء، والتي باتت تشكل أرقاً لقائدي المركبات بسبب أنها تفاجئهم دون سابق إنذار وتتسبب في وقوع حوادث مرورية أليمة وإعطاب مختلفة للمركبات.
مشكلة المطبات الصناعية والحواجز الأسمنتية وبالذات الحواجز الأسمنتية، إلى جانب كونها توضع في معظم الأحيان من قبل أمانات البلديات أو المقاولين في حالة المشاريع بشكل عشوائي وارتجالي، فإنها توضع دون دراسة، بل وفي كثير من الأحيان توضع أو تترك في الطريق أو الشارع بلا حاجة، كما أنها توضع بأشكال متعددة ومختلفة، بل قد تفاقم الأمر حتى بات بعض الأفراد يضعون المطبات الاصطناعية من تلقاء أنفسهم دون الرجوع للجهات المختصة، بغية توفير الحماية اللازمة لمنازلهم وللمارة والتحكم في سرعة المركبات.
رغم الحاجة الملحة أحياناً لوضع مثل هذه الحواجز الأسمنتية لدواعٍ أمنية، وكذلك وضع المطبات الصناعية لدواعي التحكم في سرعة المركبات وبالذات بين مقاطع الطرقات العامة وفي شوارع الأحياء، إلا أن وضعها بشكل غير مدروس ومقنن، إضافة إلى نشرها بشكل عشوائي وغير حضاري، فإنه قد يتسبب في إزعاج المارة والمركبات، إضافة إلى إحداث تشويه واضح في مظهر الطرقات والشوارع.
إنه لمن المؤسف جداً ما نشاهده اليوم في مدننا الرئيسة من وضع مطبات صناعية بقياسات وارتفاعات غريبة جداً وكأنها جبال شاهقة، وبالشكل الذي يتسبب في حدوث أضرار جسيمة للمركبات مع عدم مراعاة ركاب المركبة الذين قد يكون من بينهم نساء حوامل تضر بهن مثل هذه المطبات نتيجة لارتفاعاتها غير المبررة لتتناسب مع منسوب أو مستوى الطريق.
وما يسيء أكثر إلى تلك الحواجز الأسمنتية والمطبات الصناعية أنها - كما أشرت - تفاجئ قائدي المركبات دون سابق إنذار وتفتقد لأبسط العلامات أو اللوحات الإرشادية، التي تدل على وجودها، بحيث يتمكن قائد المركبة من الانتباه لها وبالتالي التخفيف من سرعة المركبة تفادياً للوقوع في المخاطر نتيجة لارتطام المركبة بالحواجز أو تجاوز المركبة للمطب بسرعة قوية قد تسبب - لا سمح الله - في وقوع حوادث للمركبة وركابها قاتلة في بعض الأحيان.
بطبيعة الحال، إن مشكلة المطبات الصناعية تتفاقم والحواجز الأسمنتية عندما يوجد في الشارع أو الطريق حفر نتيجة سوء ورداءة السفلتة، الأمر الذي يضاعف من مشكلة تلك الحواجز وتلك المطبات، وكما يقولون يزيد من السوء سوءاً ويضيف للطين بلة!
الزميل الكاتب في صحيفة ''الاقتصادية'' علي الجحلي أشار في مقال له نشر في الصحيفة ذاتها في العدد 6784 تحت عنوان: ''الحواجز الأسمنتية .. المخاطر والحلول''، إلى خطورة الحواجز الأسمنتية كونها في معظم الأحيان تفاجئ قائد المركبة في عدد من المواقع بتضييق الطريق وتتسبب في وقوع حوادث مرورية أليمة ومأساوية، وبالذات في ظل عدم وجود أي لوحات تحذيرية تدل على أن الطريق يضيق. وما يضاعف من مشكلة هذه الحواجز ببعض الطرقات عندما يتم تحويلها فجأة إلى مسار المرور المحلي دون سابق إنذار.
الدول المتقدمة على مستوى العالم وضعت مقاييس معينة ومحددة للمطبات الصناعية وزودتها بجميع الوسائل والدلالات الإرشادية عليها، وجعلت الحواجز الأسمنتية جزءاً من تصميم المبنى، وبالذات بالنسبة للمباني الأمنية، كما أنها بدأت في استخدام وسائل التقنية الحديثة بالنسبة للحواجز الأسمنتية مثل الحواجز الهيدروليكية وإلى غير ذلك من التقنيات الذكية كالكاميرات عالية الدقة والحساسية.
وللتغلب على ظاهرة انتشار الحواجز الأسمنتية والمطبات الصناعية بشكل عشوائي في بلادنا بالشكل الذي يسيء إلى المظهر الحضاري لشوارعنا وطرقنا العامة وبداخل الأحياء، فإن الأمر يتطلب ضرورة ابتكار وسائل جديدة بالنسبة للحواجز الأسمنتية، حيث تقوم بتأدية المهام نفسها ولكن تحافظ في الوقت نفسه على المظهر العام للشارع وعلى جمال المبنى الحكومي أو الخاص. كما يتطلب الأمر بالنسبة للمطبات الصناعية وضع مقاييس محددة لها، إضافة إلى تزويد أماكن المطبات بلوحات إرشادية وإضاءات معينة توضع على بعد مسافات كافية لتنبيه سائقي المركبات إلى وجودها. كما أن الأمر يتطلب فرض أقصى العقوبات على المقاولين الذين يضعون الحواجز الأسمنتية بشكل عشوائي غير مقنن وإخضاع ذلك لمعايير وقوانين صارمة. ويتطلب الأمر كذلك منع الأفراد من وضع المطبات الصناعية بشوارع الأحياء، وإن اقتضى الأمر ذلك فلا بد من التنسيق مع أمانة البلدية التي تقع بالحي لتقوم بدورها بوضع المطب بالشكل اللائق والصحيح.
خلاصة القول، إن الحواجز الأسمنتية والمطبات الصناعية في بلادنا أصبحت تشكل إزعاجاً كبيراً بالنسبة لقائدي المركبات والمارة على حدٍّ سواء، بسبب عشوائية وارتجالية وضعها على الطرقات العامة وعلى الشوارع داخل الأحياء. هذه العشوائية والارتجالية في وضع الحواجز الأسمنتية والمطبات الصناعية تتسبب أيضاً في وقوع حوادث مأسوية للمركبات والأفراد، وفي تشويه المنظر العام للطريق والشارع.
وللتغلب على ظاهرة انتشار تلك الحواجز والمطبات، فالأمر يتطلب تصميمها بمواصفات معينة عالية الجودة، حيث تعكس المستوى الحضاري لشوارعنا وطرقنا، وتؤدي في الوقت نفسه المهام المطلوبة منها. كما أن الأمر يتطلب تقنين هذه المطبات والحواجز وابتكار الوسائل والأدوات الحديثة للاستعاضة عن الحواجز والمطبات التقليدية، إضافة إلى فرض أقصى العقوبات على المقاولين المخالفين للمواصفات والأفراد الذين يقومون من تلقاء أنفسهم بوضع تلك المطبات. ومن المهم أيضاً من بين سبل العلاج، تعويض أصحاب المركبات عن الأضرار التي لحقت بهم وبمركباتهم في حالة مخالفة تلك الحواجز والمطبات للمواصفات والمعايير والمقاييس المرعية.