تقلبات الموسم والجولة الأولى

كالعادة قبل بداية الموسم الرياضي تبدأ إدارات الأندية في الإعلان عن خططها واستراتيجياتها وتعاقداتها ومعسكراتها فتصدم في بداية الأمر بأزمة حقوق اللاعبين والمتطلبات المادية، وكأي موسم مضى يشعر المتابع القريب أن كل ناد قد ارتفع لديه سقف طموح، وصار يرسم خططه وأهدافه بتحقيق منجز أفضل من الموسم الذي سبقه، فيتفاعل الإعلام مع هذا الطرح ويسويه إلى عقول الجماهير التي تفرط هي الآخر في التفاؤل، الذي تخطى الحدود، وغير المرتبط بالواقع الذي يعيش النادي مادياً وإدارياً وفنياً ووسط هذا الحراك من حملة التهويل، التي يمارسها المقربون للنادي عبر وسائل التواصل الاجتماعي مباركين لبعضهم بولادة عهد جديد أفضل ممن سبقه ومتسلحين بسياسة الضخ المادي الكبير، الذي يقدمه الشرفيون لناديه مع تكثيف الحملات الإعلامية المخصصة لإبراز الشخصيات التي تولت تصحيح مسار الفريق.
ومع انطلاق الجولة الأولى من الدوري السعودي يتضح لنا بوادر النجاح أو الإخفاق في تعاقدات اللاعبين الأجانب والمحليين مع كيفية تعامل المدربين الجدد مع أجواء الدوري السعودي، فتبدأ رحلة الاختبارات الحقيقية للإدارات والأجهزة الفنية وسط جملة من القضايا والأزمات، التي يواجهها الفريق أثناء مسيرته في الدوري، كما يتضح لنا مع الوقت معرفة فكر الإدارة في تسيير أمور النادي ومدى استجابتها للضغوط الجماهيرية والإعلامية لحظات الإخفاق.
بعد خمس جولات من الدوري يبدأ الإعلام الرياضي في الحديث عن الشؤون الفنية وتكتيك للمدربين والبحث عن قناعة منسوبي كل ناد وجهازه الفني، فتجد أن هناك مديرا فنيا يسرق الأضواء والإعجاب، وهناك آخرون توجه لهم التهم بالتقصير في عملهم، الذي تسبب في تردي النتائج، ثم تتوالى المطالبات والمناشدات بفسخ عقد هذا المدرب، خاصة عندما تسوء النتائج كحل سريع واستجابة لكي يخرج الفريق من سلسلة الإخفاقات وأزمة التفريط بالنقاط.
الكل يتعرض للنقد اللاذع، وتحمل المسؤولية إلا اللاعبون المشاهير فهم خط أحمر لدى معظم الجماهير من شدة العشق والتعصب لهم، ويحظى اللاعب السعودي دون غيره في المنظومة الرياضية إلى معاملة خاصة لكي يعطي ما لديه في المباراة، رغم أن اللاعب هو المستفيد الأول في كرة القدم للمحترفين، وهو من يخطف الأضواء في حالة الإنجاز إلا أننا دائماً لعذر عن حالة الخطأ أو التقصير، ومما سبق ندرك أن اللاعب هو المحور الرئيسي في المنظومة الرياضية، لذا فمن الطبيعي أن تغدق الإدارة عليه بالأموال وتطارده الفلاشات، ويتنحى عنه النقد اللاذع.
مؤسف أن تستمر كرتنا السعودية لسنوات طويلة تدار بهذه العقلية والمنهجية العقيمة، التي أودت برياضتنا إلى أدنى مستويات التصنيف العالمي، ووضعت اسم السعودية في آخر القائمة مع سائر الدول المتخلفة والفقيرة، ونحن بحاجة ماسة إلى وجود آلية مشابهة إلى نظام المؤسسات المتبع في معظم الأندية الأوروبية، لكي تعود رياضتنا إلى سابق عهدها ونحقق الرسالة السامية التي تعرف دول العالم بنا من خلال مشاركتنا المشرفة في المحافل الدولية.
بعد أن تكشفت الحقائق وظهرت نتائج معظم الأندية السعودية في الجولة الأولى من دوري عبداللطيف جميل تتطلع الجماهير الرياضية إلى أن تقف لجنة الحكام بحزم أمام جملة من الأخطاء، التي يرتكبها الحكام في بعض المباريات، فنحن ندرك أن الحكم بشر يخطئ ويصيب ويجتهد ويواجه ضغوطا، ولكن في نفس الوقت فإن الأندية ومنسوبيها يبذلون الغالي والنفيس من أجل النهوض بأنديتهم وتحقيق أفضل النتائج، وربما أن خطأ واحدا من حكم قد يكلف النادي أموالا باهظة.
نجاح الحكم السعودي خليل جلال في اختبار الكوبر يدل أن لدينا حكما مميزا من أفضل عشرة حكام في العالم والأول عربياً، ويستحق منا الدعم والوقوف بجانبه في المونديال العالمي القادم وهو في نفس الوقت قدوة لجميع الحكام السعوديين والعرب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي