التقويم الدراسي واحتياج المجتمع

تعمل وزارة التربية والتعليم على إنهاء تنظيم جديد للتقويم الدراسي يتناسب مع التغيرات في الشهور القمرية، حيث تتحرّك المواسم الدينية لدينا تبعاً لحركة الشهور العربية وتتداخل الفصول الأربعة مع المواسم، ما يستلزم تغيير التقويم الدراسي حتى يتناسب مع كل تلك التغيرات. وهذا ليس جديداً على الحركة التعليمية في المملكة، لكن الجديد هذه المرة هو أن الوزارة أعلنت أن هناك مميزات وحوافز لمعلمي الصفوف الأولية في المرحلة الابتدائية في هذا التقويم الجديد.
الجيد في هذا الأمر أن الوزارة بدأت تعمل خططها من أسفل إلى أعلى، فهي في هذا الشأن بالذات بدأت تأخذ بآراء المعلمين وتتلمس مشكلاتهم، وبناء على هذا تقوم بوضع خططها، وهذه ميزة. فمعلمو رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية يحتاجون إلى مميزات تجعل من هذا القطاع جاذباً للكفاءات، فمن المعلوم أن تعليم الأطفال يحتاج إلى جهد وصبر، وهناك متطلبات خاصة جداً لمَن يقوم بهذا الدور، بل إن معلمي هذه الفئة يقدمون تضحيات مهمة للمجتمع يجب على المجتمع أن يقدرها ويراعيها، لكن من المهم جداً أن تتنبّه الوزارة إلى أن الدعوة إلى الاهتمام بهذه الفئة من المعلمين وتقديم حوافز خاصّة لهم، يجب ألا تكون على حساب جودة اختيارهم، فتقديم مميزات وحوافز سيجذب الكثير لهذه المرحلة أملاً في الفوز بها، حتى ولو لم يكن عند بعضهم الكفاءة والخبرة والمقدرة على ذلك، وهذا سينتهي بنا إلى فشل خطير. لذلك وبقدر ما تقوم الوزارة بتطوير حوافزها يجب أن تطور أيضاً من قدرتها على اختيار المعلم المناسب للمرحلة المناسبة.
لقد خطت الوزارة خطوة مهمة وهي تستجيب لرغبة معلمي المراحل الأولية عند بناء التقويم الدراسي، ولا بد للوزارة أن تستثمر هذه الخطوة جيداً، وذلك من خلال العمل على استطلاع آراء الناس حول التقويم الدراسي قبل إصداره، وما أهم الاتجاهات الرئيسة للمجتمع في ذلك، وهل التقويم الجديد يحققها؟ هناك نقاش واسع في مجلس الشورى حول الإجازة الأسبوعية، وهل ستبقى كما هي الخميس والجمعة أم ستكون الجمعة والسبت، هذا النقاش قد يمتد إلى الإجازات المرتبطة بالمواسم كرمضان والعيد والحج. فلقد مرت المملكة بتطورات ثقافية واسعة وكثير من القضايا التي كانت من الصعب مناقشتها أصبحت محل آراء مختلفة، ولهذا من المهم أن تستمع الوزارة لرأي الناس في التقويم الدراسي وأن تمارس شراكة مجتمعية في صناعة هذا التقويم، ومن ذلك دراسة البقاء على طريقة الفصلين الدراسيين أم التحول إلى طريقة ثلاثة فصول دراسية .. وهل من المناسب دراسة تجربة مؤسسة التعليم الفني والتقني في هذا؟
نحن نعلم الآن أننا سنمر في السنوات المقبلة في فترة فصل الصيف بموسم رمضان وانتهاء بأيام التشريق بعد الحج، ثم تعود وتفصل الفصل الدراسي أكثر من مرة، فهل طريقة الثلاثة فصول دراسية أنسب للمجتمع في المرحلة المقبلة، التي تتداخل فيها المواسم مع أيام الدراسة. من المهم إذا أن تبدأ وزارة التربية والتعليم بالتفكير خارج الصندوق، لكن من خلال المجتمع، وأن تعرف ماذا يريده هذه المجتمع وما الخدمة التي تتناسب مع التغيرات في طريقة معيشته؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي