استفتاءات الرأي لتحسين الخدمة!
في توجه حميد لاحظت أن بعض الجهات التي تقدم الخدمات للجمهور تحاول استقصاء رأي المستفيدين من هذه الخدمات، وذلك بإرسال استفتاء على البريد الإلكتروني، أو استفتاء ورقي يعطى أثناء تقديم الخدمة أو يكون على الطاولة، كما تفعل بعض المطاعم والفنادق، وما من شك أن الفكرة سديدة لأنها على أقل تقدير أعطت ولو من الناحية النظرية لجمهور المستفيدين من خدماتها شيئاً من الاعتبار والاهتمام، كما أن استجابة الجمهور المستفيد قد تساعد الجهة المقدمة للخدمة على تحسين خدماتها إن كانت لديها النية في ذلك.
خلال الفترة الماضية جاءني استفتاءان، واحد من فندق بولمان في دبي، حيث أقمت في رحلة عائلية، ومع أني استجبت ورددت عليهم مع إبداء الملاحظات إلا أنه لم يأت رد على الملاحظات، وأخشى أن يكون الاستفتاء عملا روتينيا أو آليا يرسل إلكترونياً دون أن يهتم به وبالملاحظات الواردة من جمهور المستفيدين، أو أحدهم.
أما الاستفتاء الثاني فكان من فندق موفنبيك في وقف الملك عبد العزيز في مكة المكرمة، حيث أقمت أنا والعائلة هناك، لكن هذا الاستفتاء لي وقفة معه في لغته حيث أرسل بالإنجليزي وأجزم أن الكثير من زبائن الفندق لا يجيدون اللغة الإنجليزية، إضافة إلى خطورة تهميش اللغة العربية وخروجها من التعاملات اليومية الرسمية في يوم من الأيام، وفي محتواه ذلك أن العناصر التي يتناولها تحتاج إلى إعادة نظر لتعكس ثقافتنا الاجتماعية، فالعنصر الذي يسأل عن الغرض من الرحلة اقتصر على العمل والترفيه، وفي ظني أن هدف العمرة، أو حتى مصطلح السياحة الدينية لا بد من وجوده كأحد الخيارات لإظهار هويتنا وهوية المكان الذي يوجد فيه الفندق، خاصة أن اسمه برج موفنبيك، وإقامة هاجر في مكة، إذ أجزم أن جزءاً كبيراً من الساكنين في الفندق من ذهبوا للعمرة كهدف أساس.
في عنصر آخر من الاستفتاء وضع 20 كلمة ويطلب اختيار الكلمة التي تختارها لتصف بها الفندق، الغريب أنه لم ترد كلمة روحانية أو عبادة، والأدهى والأمر أن من بين قائمة الكلمات أن الفندق مناسب وصديق للشاذين جنسياً. أما العنصر السادس فيسأل عما يمكن أن توصف به مكة، ووردت كلمات مثل اكتشاف، تذوق طعام، تسوق، تخييم، رياضة شتوية، حياة ليلية، رومانسية، تاريخي وغيرها من الكلمات التي لم تتضمن أي كلمة تصف مكة المكرمة أكرم بقعة على الأرض في روحانيتها وما يشعر به الفرد حين يكون في أجوائها.
لم أستجب لهذا الاستفتاء، وتساءلت وأتساءل: أين الجهات المشرفة والمسؤولة عن هذه السقطات المشينة؟ أين هيئة السياحة ودورها الرقابي الذي لم نجد له أثراً لا في نظافة دور الإيواء ولا في أسعارها، ولا في تعامل العاملين فيها؟ وأين هم من مثل هذا الأمر؟ هل الفندق في لاس فيجاس مثله مثل فندق في مكة المكرمة لترسل الاستفتاءات قبل تكييفها بما يتناسب مع مجتمعنا، أم أن القائمين على الجهات الإشرافية لا يهتمون بهذه الأشياء، أو غير مؤهلين لذلك؟!
لقد صعقت وأنا أقرأ الاستفتاء وتذكرت سقطة وقعت فيها جامعة الملك سعود قبل ثلاث سنوات حين وضعت ما سمي بالميثاق الأخلاقي لجامعة الملك سعود وتضمن بنداً ينص على احترام الجامعة لحقوق الشاذين جنسيا، وكتبت في حينه حول الموضوع وغيره من المواد والبنود الأخرى الواردة فيما سمي بالميثاق الأخلاقي. وفي كلتا الحالتين نجد ما يؤكد غياب الحس الوطني، وفقدان أو ضعف مشاعر الانتماء للهوية الجامعة.