اتغيروا الإنجليز

لا يخفى على الكثير من القراء والمتابعين العلاقة الكبيرة بين الشعب الإنجليزي وتمسكهم بالتاريخ وعادات خاصة بهم، وأمور كثيرة تتعلق بحياتهم اليومية، وتفكيرهم الكلاسيكي في طريقة حياتهم وحتى ملابسهم ومنتجاتهم المختلفة من أطعمة وألبسة وحتى أدوية، وصولا للطائرات والأسلحة.
وخلال زياراتي المتعددة لعاصمة الضباب "لندن" منذ أواخر السبعينيات الميلادية مرورا ببداية الألفية الثالثة وحتى يوم الثلاثاء الماضي عند وصولي إلى لندن، لاحظت عددا من التغييرات في أمور أساسية للإنجليز، من أهمها ما لاحظته تاكسي لندن الشهير الذي وجد بقوة في بلادنا في الرياض وجدة، وأصبح له منافسة شديدة في لندن نفسها، وأصبحت هناك أنواع أخرى لسيارات الأجرة في لندن واختلفت أشكالها وأحجامها عن تاكسي لندن الشهير.
حتى الشاي الإنجليزي الشهير والمعروف بأوقاته أصبح غير متوافر بالشكل المطلوب وفي الوقت المحدد، وعلى الرغم من تمسك عديد من سكان وسط لندن بعادة باعة الحليب المشهورين في لندن الذين يأتون يوميا لكل منزل وشقة بالحليب الإنجليزي الطازج، وبالطبع هناك "الكمساري" وهو مفتش القطار الذي يقوم بالبحث عن الركاب وتذاكرهم لكل محطة ومن كل محطة، وأستغرب كيفية نجاحه وحفظه لكثير من وجوه الموجودين في القطار الواحد يوميا، وعدم طلبه لتذكرة السفر مرتين من الشخص الواحد بعد كل محطة.
ومع الأمثلة السابقة عن التغيير في الشعب الإنجليزي والثوابت التي ما زالت في عادات هذا الشعب، وهي أمور بسيطة يلاحظها الجميع من زوار لندن في الماضي والحاضر، وحديثنا عن كرة القدم التي يعيد كثير من المؤرخين الفضل للإنجليز في صناعتها الحديثة وتطويرها ووضع أساسياتها وأحكامها وطرقها، ولكن كرة القدم الإنجليزية تغيرت كثيرا بداية من قيادة زفين قوران أيركسون للمنتخب الإنجليزي وبعده الإيطالي فابيو كابيللو.
ولكن معالم التغير الأكبر كانت بالقرار الذي اتخذ يوم الأربعاء الماضي، بإعلان نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي أن هذا الموسم هو الأخير للسير أليكس فيرجسون في تدريب الفريق المهم العريق بعد 13 بطولة دوري آخرها هذا الموسم وخمسة كؤوس إنجلترا وأربعة كؤوس لرابطة المحترفين ودوري أبطال أوروبا مرتين 1999 و2008 وبطولة أوروبا للأندية أبطال الكؤوس مرة واحدة 1990 والسوبر الأوروبي مرة واحدة عام 1991 وكأس الإنتركونتننتال 1999 وكأس العالم للأندية 2088 و28 بطولة فيما يقارب 27 سنة قضاها قيرجسون في أولد ترافورد.
71 عاما عمر هذا المدرب الملقب بـ "مجفف الشعر"، لأنه عندما يتحدث بعصبية يخرج الهواء الساخن من فمه مثل مجفف الشعر. عديد من اللاعبين روضهم فيرجسون، منهم ديفيد بيكهام وكريستيانو رونالدو وعديد من اللاعبين تألقوا مع فيرجسون، منهم: بيتر شمايكل، بول سكولز، رايان جيجز، رود فان نستلروي، إيريك كانتونا، روي كين، لويس ساها، وغيرهم كثيرون.
ولكن الظاهر أن أنفاس وأفكار وطريقة فيرجسون ستظل موجودة فبديله المحتمل هو مدرب إيفرتون ديفيد مويس "الإسكتلندي أيضا" الذي يقول عنه الجميع إن فيرجسون له تأثير كبير عليه في طريقته وتفكيره وتدريبه. مويس مدرب إيفرتون من 2002 وبميزانيته نجح خلال عشر سنوات في الوصول إلى دوري الأبطال عام 2005 وفاز بنهائي كأس الاتحاد الإنجليزي في عام 2009 وامتدحه عدد من المدربين في احتفال نادي إيفرتون به عند إكماله عشر سنوات، ومنهم فيرجسون، ارسو فينجر، وكيفن دالفيش، يبدو أنه سيكون خلفا مميزا لقيرقسون، وللمعلومية نقول إن ديفيد مويس نفسه هو من نقل اللاعب واين روني من إيفرتون إلى مانشستر يونايتد عام 2004، وحقيقة لا أعلم إن كانت هذه إشارة إلى عدم بقاء روني في مانشستر أو على أنه مدرب يعرفه تماما ويعرف إمكانياه .. من جد لا أعلم لأنه في الحقيقة والواقع والمستقبل ومن قراءتي للحاضر والماضي اسمحوا لي أن أقول لكم: الإنجليز تغيروا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي