لوحة كوماريه !!
كومار هنا ، يستعرض بطوله الفارع ، والزيت اللامع فوق جبينه ، وقميصه الزهري الذي لا يخلو من رائحة عرق ، طالما ازكمت الانوف ، لكن هذا الزهري ينافس رونق الصباح الباكر ، حيث يبدد هذا المنظر الشاعري حركات لعيون ترقب هذا الواقف بشموخ "ينقصه بعض موسيقى من فيلم هندي فيه الكثير من الاكشن اللي يصيبك بالغثيان" من خلف ابواب البيوت المجاوره ، لعلها بعض الخادمات التي تستغل خروج كل من في البيت ليبدأ صباحهن الغير عادي ، لكن الزعيق لا يتوقف ، والرجة غير عاديه ، والارتجاج المتعمد ، في امخاخ افراد العائله الكبيره التي تستعد لبدء يومها العادي جدا والذي يتكرر بكل ما فيه من معاناة كل يوم على نفس المنوال ، فالجميع في كل الاحوال سيتأخر ، وكومار هناك ينتظر ، ويتساؤل بحسرة بمن سيبدأ اليوم ، فالتوصيلات للأماكن البعيده اصبحت مهمه خطيره جدا ، وخاصة في ارجاء الرياض الكبيرة (اللهم احفظها) ، فانا اعشق هذه المدينة بالرغم من انها تجيب لي الضغط والسكر واحيانا اخرى الشيزوفرانيا بسبب زحمتها الغير عاديه ، وبالاخص في يوم دوام عادي ، فما بالك بالإجازات وأيام الاعياد ، هنا فقط للكلام منحى آخر سيبحر بنا في دهاليز "نفسيه" لن تنتهي ابدآ ، لكن رأس كومار لازال محتار ، ينتظر تعليمات المدام بالانطلاق في ارجاء الشوارع والحارات لتوصيل الاطفال اولا للمدارس ، ثم البنت الكبرى للجامعه , ثم حضرتها لمكان عملها ، ثم بعد ذلك يبدأ مشواره الخاص هو ، والذي لن يتوقف هنا ، فهناك مجموعة من "ربعه" ذوي الرؤوس المتحركة يمنة ويسارا (جلي قود) بانتظاره في احد الغرف المعده للسكن في بيت ما من بيوتنا التي امتلأت بهم ، بل وغصت بوجودهم واشتكت.
زيارات كومار لهولاء المرتجفون لاتأتي هكذا (بل لها طقوس ومقاضي خاصة) فرائحة الفول ، والخبز التميس ، والموسيقى الهنديه التي تهز اركان السياره المنطلقه للموعد "المنسي" بين هولاء المجموعة التي تتزايد كل يوم .. ولاتتعب من العبث بالسيارة ، وبمحتوياتها ، واحيانا يتكدسون داخل السياره ليتناولوا وجبتهم على "مراتبها" الجديده ، ربما نكاية بصاحبتها أو عنادا ومخالفة للتوصيات ، ولكن وبمجرد الانتهاء من وجبة الافطار التي يستمر وقتها حتى تنتهي المدام والاولاد من مدارسهم .. وربك العالم ماذا يحدث خلال هذا الاجتماع من تداول الشكاوي والتطرق الى ادق خصوصيات الاسرة ، واحيانا اخرى الى اسماؤهم وأماكن عملهم.
هذه اللوحه التي يتم تكرارها بشكل يومي ، وبعذاب يومي ، وبجهد يكاد يكبل كل ذرات الامل في نفوس المنتظرين لمغامرات كومار وهو يستعرض بالسياره التي لم تنتهي اقساطها حتى الان ، وربما زارت الورشه لاكثر من مره بمجرد استلامه لمفتاحها الجديد الذي لازال يلمع بورنيش المصنع دليلا على حداثته بين ايدي كومار الهمام .. وياعجبي ماذا ستفعل الورشه لسيارة جديدة "نايلو" مقاعدها لازال مربوطا باحكام دليل اخر اهمال السائق واستهتاره بالسيارة وصاحبتها .. ولعل السؤال الذي "يسدح" نفسه قهرا .. الى متى هذا التحامل على انفسنا ، واستفزاز جيوبنا التي ازعجها كثرة المصاريف ما بين راتب السائق وأقساط السياره وفواتير الورشه ، وإصلاح ريموت السيارة بسبب الخلل وفقدان التوازن مما جعله لا يساوي شيئا لان كومار كان "يحك" به انفه واذنه وربما اماكن أخرى يخجل الانسان من ذكرها .. الى متى ونحن ندفع فواتير اناس جاؤوا الينا وهم لا يفقهون الفرق ما بين الكلتش ودعاسة البنزين وسويتش السيارة وفتحة الأنف التي لها نصيب كبير ودور واضح في "خراب" الاشياء التي تخص المركبه .. الى متى ؟.