التعاون والفتح بنشوة الانتصارات
تتوالى الانتصارات داخل أرض الملعب وتتزايد معها نقاط الفريق البطل من مباراة إلى أخرى، فتبتهج القلوب العاشقة ويمنح صاحب النتائج المبهرة مزيدا من الثناء والإعجاب على طريقة ترويضه لكرة القدم وخصومه الأقوياء، فقد جعل العطاء والحماس والروح المعنوية العالية له منهج وتطبيق تعليمات وتكتيك المدربين في الملعب أبرز أهدافه مع تخليه عن قاعدة الفوارق الفنية والمادية والإعلامية التي يتميز فيها فريق على آخر.
ظاهرة النادي النموذجي الفتحاوي متصدر الدوري السعودي ظاهرة غير عادية وماركة مسجلة باسم نادي الفتح السعودي، ولكن نحتاج إلى وقت طويل حتى نستوعب طريق الإنجاز الكبير الذي حققه فريق كبير عطاؤه وبسيط في إمكاناته وتاريخه الرياضي مقارنة بالأندية الأربعة الكبار.
هذه الظاهرة تدعونا لإعادة النظر في طريقة اختياراتنا للمدربين و جلبنا اللاعبين الأجانب والمحليين، ولعل أبرز العوامل التي ساهمت في بروز هذا الفريق بشكل لافت للنظر هي طريقة التعامل مع اللاعبين النجوم التي تفتقدها معظم أندية الوطن بسبب الأنفة والتعالي وحسد اللاعبين على ما حصلوا عليه من مقدمات عقود ورواتب وأضواء وكأننا في كوكب آخر وفي منأى عن العالم ولم ندرك أن معظم نجوم كرة القدم في العالم يتقاضون أضعاف أضعاف اللاعبين العرب.
استطاعت إدارة الفتح أن تنجح في الإبقاء على مدرب الفريق لستة مواسم، وهذه ظاهرة أخرى يجب أن نسلط الضوء عليها والإشادة بتعامل إدارة الفتح فكرياً مع الجهاز الفني، كما أنه من الصعوبة أن نتجاهل الأجواء الأخوية التي خلقها المدرب والجهاز الإداري للفريق مما جعل الفتح فريقا لا يقهر ويحسب له ألف حساب. لقد تفوق فريق الفتح على نفسه وتاريخه وقدم مستويات وعطاءات منحته الأفضلية هذا الموسم على أرض الميدان.
كتبت إحدى الصحف الرومانية عن ظاهرة البرازيلي إلتون جوزيه، وأبدت إعجابها بمستواه وأطلقت عليه مارادونا الصحراء الذي ما إن حل على نادي نابولي الإيطالي إلا وتوالت معه الانتصارات والإنجازات وهذا ربما وجه الشبه بين الاثنين. الفتح منح دروسا كبيرة لفرق الوسط والمؤخرة أن القدرات المادية ليست هي العائق الذي يحول دون تقديم مستويات مقنعة داخل الملعب.
وهناك انتصارات حدثت خارج أرضية الملعب نجومها رجال القانون، وأدواتها حجج اللاعبين ومسؤولو الأندية، وضحاياها الحكام، استمتع بها الجمهور وتفاعل معها الإعلام، وأصبحت حديث الشارع الرياضي ما بين مؤيد ومعارض ومحجم عن الأدلاء برأيه، تعلّم التعاونيون كيف يتعاملون مع أزماتهم ويفعلون الأعلام لمصلحة قضاياهم لأنهم أصحاب حق. من كان يمتلك الحجة والبرهان على قرار خاطئ فلابد أن يحافظ على حقوق ناديه دون خدش الآخرين.
لقد انتصر القانون الرياضي وأنصف أبناء التعاون وأعاد الحق لأصحابه، فلم يبصق الثنيان ولن يبصق لأنه لاعب خلوق، ولكن شاءت الأقدار أن يتهم بتهمة باطلة أقلقت مضاجع الأسرة التعاونية وأحسوا أن سهام الغدر وجهت إليهم، فأصبحوا يعانون من جور جرم لم يرتكبوه مع مباريات لم يكتب لها النجاح الموسم، ومباريات ضاعت نقاطها بسبب صافرة خاطئة لم يكتب لها التوفيق فبدأ التعاونيون يبحثون عن حقيقة الاستقصاد التي أخرجتهم من كأس الملك وسلبت منهم نقاط نجران وعقوبة المجرشي والثنيان وقضية المدرب جوكيكا خلال فترة وجيزة.