ظلم اللاعبين بين الانضباط والمنشطات

يعج عالمنا الرياضي هذه الأيام بالعديد من الأحداث التي تشتت معها الشارع الرياضي بكل أطيافه ما بين مؤيد لطرف ضد الطرف الآخر وسط تناقضات وهرج مرج ضيع أصل الحقيقة وأصبح الشارع ينظر رأي المشرع سواء بالسلب أو بالإيجاب حتى يمنح الفرصة أمام وسائل الإعلام لتناول هذه المواد الدسمة بطريقة تخدم الإعلام قبل أن تخدم أحد أطراف القضية المنظورة لدى اللجان القضائية في الاتحاد السعودي لكرة القدم، ولأن هذه اللجان تفتقد الحس الكروي، صار من الطبيعي أن تتخذ قرارات متسرعة دون النظر إلى توجهات الفيفا للعبة واللاعب والعملية الاحترافية، فلو نظرنا إلى أقسى العقوبات المطبقة في حق اللاعبين المحترفين لوجدنا أن عقوبة تناول المنشطات تعتبر أقوى العقوبات دولياً التي مدتها سنتان، أما بالنسبة للوائح الاحتراف فأقصى عقوبة تطبق بحق اللاعب المحترف من ثلاثة أشهر وحتى ستة دون استثناء الإجازات، وذلك في حالة توقيع اللاعب عقدين منفصلين لناديين في الفترة نفسها. وغالباً تتخذ العقوبة الأدنى وهي أربعة أشهر فقط.
أما أن تبصق على حكم سعودي من بعيد أو من قريب، فهذه عقوبتها مغلظة في لوائح اتحاد الكرة السعودي فقط! وفي أغلب دول العالم لا تتجاوز العقوبة ست مباريات مع غرامة مالية كبيرة.. وإنني أتساءل هنا وباستغراب: ما الذي يمتاز به الحكم السعودي عن غيره من حكام العالم حتى يعاقب الباصق بهذه العقوبة المغلظة.
ناهيك أن عملية البصق التي دونت في تقارير الحكام ضد فهد الثنيان حارس فريق التعاون لم تدعمها أي لقطة تلفزيونية حتى نطبق اللائحة الانضباطية مباشرة. والعجيب في الأمر أن الزملاء في لجنة الانضباط ولجنة الحكام لم يكلفوا أنفسهم التحري والمساءلة عن طريقة البصق وكيف تمت؟ ومن شاهدها؟ وما المسافة التي تفصل بين اللاعب والحكام حتى أتحقق بشكل دقيق من الخطأ المرتكب وأتجنب أي ظلم ممكن يقع على لاعب أو مسؤول أو مدرب، وأتسبب في قطع رزق ذلك الإنسان الذي لم يرتكب ذلك الخطأ المشين، وإنما كانا مجرد اعتقاد من قبل أحد الحكام أن البصق موجه لهم إذا كان فيه بصق!
وبما أننا في دولة تحكم بشرع الله وملتزمون بتشريعة الدين الحنيف، وتحكمنا أدبيات وتعاليم سماوية تحتم علينا أننا إذا حكمنا بين الناس فلنحكم بالعدل ونتجنب الظلم؛ لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، ونبتعد عن الظن؛ لأن بعض الظن إثم، فمن المهم بمكان أن نكون دقيقين في تدوين جميع الحالات، وألا نكتب إلا الحق الظاهر البيان، ولا نعتمد على الشك والاستنتاج والتخمين، وننجرف خلف مستنقع الشيطان حتى لا نقع في المحظور، كما حدث في العديد من القضايا الرياضية التي راح ضحيتها عشرات اللاعبين.
ربما أن فهد الثنيان نموذج ظهر على السطح، وإلا هناك حالات عديدة تم إيقافهم بحجة هذا السلوك المشين (البصق) تجاه أحد حكام المباراة، وتم تطبيق العقوبة في حقه بإيقافه لمدة ستة أشهر لا تدخل فيها الإجازات، هذا يعني أن اللاعب تم شطبه من الملاعب لمدة موسمين بالنسبة للاعبي الدرجة الثالثة (المناطق)، وبما أن الدوري في معظم المناطق لا يتجاوز ثلاثة أشهر، فإن اللاعب يحرم من اللعب موسمين كاملين. أليس ذلك قمة الظلم والتجني على اللاعب واللعبة معاً؟
مع الأسف، أخفقت لجنة التحكيم برئاسة عمر المهنا وإبراهيم العمر في إدارة الأزمات التي واجهتها اللجنة هذا الموسم، ولعل ازدياد عدد المعارضين والممتعضين من أسلوب مسيري العمل في اللجنة يعطي دلالة واضحة على أن الشارع الرياضي يواجه أزمة حقيقية اسمها لجنة التحكيم.
عندما تتواجد الحكمة والعدالة والحس الكروي في لجنة قضائية، فإن القرار الصحيح سيصب في مصلحة اللعبة وأدواتها، وهذا ما ينتظره التعاونيون بعد رفع مذكرة الاستئناف في قضية فهد الثنيان إذا ما تمت مساءلة جميع الأطراف والشهود في القضية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي